للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الظهر، وأمر بالشّذا وسفن الرجّالة فحُدّرت إلى الكثيثة، وخلّف سواد عسكره وجمعًا كثيرًا من الرجال والكُراع بفوّهة برمساور، وأمر بُغراج بالمقام هناك؛ فوافى أبو أحمد الصينيّة، وأمر أبا العباس بالمصير في الشذا والسميريّات إلى الحوانيت مخِفًّا لتعرّف حقيقة خبر سليمان بن جامع في مقامه بها، وإن وجد منه غِرّةِ أوقع به، فسار أبو العباس في عشيّ ذلك اليوم إلى الحوانيت، فلم يلفَ سليمان هنالك، وألفَى من قوّاد السودان المشهورين بالبأس والنجدة شِبْلًا وأبا النداء وهما من قدماء أصحاب الفاسق الذين كان استتبعهم في بدء مخرجه. وكان سليمان بن جامع خَلْف هذين القائدين في موضعهما لحفظ غلات كثيرة كانت هناك، فحاربهما أبو العباس، وأدخل الشّذَا موضعًا ضيقًا من النهر، فقتل مِنْ رجالهما، وجرح بالسهام خَلقًا كثيرًا - وكانوا أجلد رجال سليمان بن جامح ونخبتهم الذين يعتمد عليهم - ودامت الحرب بينهم إلى أن حجز الليل بين الفريقين.

قال: وقال محمد بن حماد: في هذا اليوم كان من أمرِ أبي العباس في الكركيّ الذي ذكره محمد بن شعيب في يوم الصّينيّة، وقد مرّ به سانحًا، قال: واستأمن في هذا اليوم رجلٌ إلى أبي العباس، فسأله عن الموضع الذي فيه سليمان بن جامع، فأخبره أنه مقيم بطهيثا، فانصرف أبو العباس حينئذ إلى أبيه بحقيقة مقام سليمان بمدينته التي سماها المنصورة، وهي في الموضع الذي يعرف بطَهِيثا، وأن معه هنالك جميع أصحابه غير شبل وأبي النداء؛ فإنهما بموضعهما من الحوانيت لما أمِروا بحفظه، فلما عرف ذلك أبو أحمد، أمر بالرّحيل إلى بردودا؛ إذ كان المسلك إلى طهِيثا منه؛ وتقدّم أبو العباس في الشَّذَا والسمَيريّات، وأمر من خلّفه ببرمساور أن يصيروا جميعًا إلى بردودا، ورحل أبو أحمد في غد ذلك اليوم الذي أمر أبا العباس فيه بما أمره به إلى بردودا، وسار إليها يومين؛ فوافاها يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين ومئتين، فأقام بها يصلح ما يحتاج إلى إصلاحه من أمر عسكره، وأمر بوضع العطاء، وإصلاح سفن الجسور ليحدرها معه، واستكثر من العمال والآلات التي تُسَدّ بها الأنهار، وتُصلح بها الطرق للخيل، وخلّف ببردودا بُغْرَاج التركيّ، وقد كان لمّا عزم على الرجوع إلى بردودا أرسل إلى غلام له يقال له:

<<  <  ج: ص:  >  >>