راشدًا مولاه في مواليه وغلمانه الأتراك والخزر والرّوم والديالمة والطبرية والمغاربة والزّنج على النهر المعروف بهَطَمة، وجعل صاعد بن مَخْلَد وزيره في جيشه من الموالي والغلمان فُويق عسكر راشد، وأنزل مسرورًا البلخيّ في جيشه على النهر المعروف بسِنْدادَان، وأنزل الفضل ومحمدًا، ابني موسى بن بُغا في جيشهما على النهر المعروف بهالة، وتلاهما موسى دالجويه في جيشه وأصحابه وجعل بُغْراج التركيّ على ساقته نازلًا على نهر جَطَّى، وأوطنوه، وأقاموا به، ورأى أبو أحمد من حال الخبيث وحصانة موضعه وكثرة جمعه ما علم أنه لابدّ له من الصبر عليه ومحاصرته وتفريق أصحابه عنه؛ ببذل الأمان لهم، والإحسان إلى مَنْ أناب منهم، والغلظة على مَنْ أقام على غيّه منهم، واحتاج إلى الاستكثار من الشَّذَا وما يحارب به في الماء.
فأمر بإنفاذ الرّسل في حمل المِيَر في البرّ والبحر، وإدرارها إلى معسكره بالمدينة التي سماها الموفَّقيّة، وكتب إلى عماله في النواحي في حمل الأموال إلى بيت ماله في هذه المدينة، وأنفذ رسولًا إلى سِيراف وجنّابا في بناء الشذَا والاستكثار منها لما احتاج إليه من ترتيبها في المواضع التي يقطع بها المِيَر عن الخائن وأشياعه، وأمر بالكتاب إلى عمّاله في النواحي بإنفاذ كل مَنْ يصلح للإثبات في الديوان، ويرغب في ذلك، وأقام ينتظر شهرًا أو نحوه؛ فوردت الميَر متتابعةً يتلو بعضها بعضًا، وجهّز التجار صنوف التجارات والأمتعة وحملوها إلى المدينة الموفقيّة واتخذت بها الأسواق، وكثر بها التجار والمتجهزون من كلّ بلد، ووردتها مراكب البحر؛ وقد كانت انقطعت لقطع الفاسق وأصحابه سبلها قبل ذلك بأكثر من عشر سنين، وبنى أبو أحمد مسجد الجامع، وأمر الناس بالصَّلاة فيه، واتَّخذ دُورَ الضَّرْب، فضرب فيها الدنانير والدراهم، فجمعت مدينة أبي أحمد جميع المرافق، وسيق إليها صنوف المنافع حتى كان ساكنوها لا يفقدون بها شيئًا مما يوجد في الأمصار العظيمة القديمة، وحملت الأموال، وأدرّ للناس العطاء في أوقاته، فاتّسعوا وحسنت أحوالهم، ورغب الناس جميعًا في المصير إلى المدينة الموفقيّة والمقام فيها.
وكان الخبيث بعد ليلتين من نزول أبي أحمد مدينته الموفقيّة أمر بهبوذ بن عبد الوهاب، فعبَر والناس غارُّون في سُميريّات إلى طرف عسكر أبي حَمْزة