فأوقع به، وقتل جماعة من أصحابه، وأسر جماعة، وأحرق كوخات كانت لهم قبل أن يبنى الناس هنالك، فأمر أبو أحمد نُصيرًا عند ذلك بجمع أصحابه، وألّا يطلق لأحد مفارقة عسكره، وأن يحرس أقطار عسكره بالشَّذَا والسميريّات والزّواريق فيها الرجّالة إلى آخر مَيان رُوذان والقَنْدل وأبرسان، للإيقاع بمن هنالك من أصحاب الفاسق.
وكان بميان روذان من قوّاده أيضًا إبراهيم بن جعفر الهمدانيّ في أربعة آلاف من الزَّنج، ومحمد بن أبان المعروف بأبي الحسن أخو عليّ بن أبان بالقَنْدل في ثلاثة آلاف، والمعروف بالدّور في أبرسان في ألف وخمسمئة من الزَّنج والجبائيّين، فبدأ أبو العباس بالهمدانيّ فأوقع به، وجرت بينهما حروب، قُتِل فيها خلق كثير من أصحاب الهمدانيّ، وأسر منهم جماعة، وأفلت الهمدانيّ في سُميريّة قد كان أعدّها لنفسه، فلحق فيها بأخي المهلبيّ المكنى بأبي الحسن، واحتوى أصحاب أبي العباس على ما كان في أيدي الزَّنج وحملوه إلى عسكرهم.
وقد كان أبو أحمد تقدم إلى ابنه أبي العباس في بذل الأمان لمن رغب فيه، وأن يضمن لمن صار إليه الإحسان، فصار إليه طائفة منهم في الأمان فآنهم، فصار بهم إلى أبيه، فأمر لكل واحد منهم من الخِلَع والصلات على أقدارهم في أنفسهم، وأن يوقفوا بإزاء نهر أبي الخصيب ليعاينهم أصحابهم ... وأقام أبو أحمد يكايد الخائن ببذل الأمان لمن صار إليه من الزّنج وغيرهم، ومحاصرة الباقين والتضييق عليهم، وقطع المِيَر والمنافع عنهم؛ وكانت ميرة الأهواز وما يرد من صنوف التجارات منها ومن كورها ونواحي أعمالها يسلك به النهر المعروف ببيان، فسرى بهبوذ في جُلد رجاله ليلة من الليالي، وقد نمِي إليه خبر قيروان ورد بصنوف من التجارات والمِيروكمّن في النخل؛ فلما ورد القَيْروان خرج إلى أهله، وهم غارّون، فقَتل منهم وأسَر، وأخذ ما أحبّ أن يأخذ من الأموال.
وقد كان أبو أحمد أنفذ لبَذْرقة ذلك القَيْروان رجلًا من أصحابه في جمع، فلم يكن للموجَّه لذلك ببهبوذ طاقة، لكثرة عدد مَنْ معه وضيق الموقع على الفرسان، وأنه لم يكن بهم فيه غناء، فلما انتهى ذلك إلى أبي أحمد، غلظ عليه ما نال الناس في أموالهم وأنفسهم وتجارتهم، وأمر بتعويضهم، وأخلف عليهم