القَلوص، فولّى الخبيثُ ابنَ أخت القُلوص - يقال له مالك بن بِشران - البَصْرة وما يليها، فلما نزل أبو أحمد فرات البَصْرة خاف الفاجر إيقاع أبي أحمد بمالك هذا، وهو يومئذ نازل بسَيْحان على نهر يعرف بنهر ابن عتبة، فكتب إلى مالك يأمره بنقل عسكره إلى النهر المعروف بالديناريّ، وأن ينفذ جماعة ممّن معه لصيد السمك وإدرار حمله إلى عسكره، وأن يوجّه قومًا إلى الطريق التي يأتي منها الأعراب من البادية، ليعرف ورود مَن يرد منهم بالميَر، فإذا وردت رُفقة من الأعراب خرج إليها بأصحابه، حتى يحمل ما تأتي به إلى الخبيث؛ ففعل ذلك مالك ابن أخت القَلوص، ووجّه إلى البَطيحة رجلين من أهل قرية بسمى، يعرف أحدهما بالرَّيان والآخر الخليل، كانا مقيمين بعسكر الخبيث، فنهض الخليل والرّيان وجمعا جماعةً من أهل الطّفّ، وأتيا قرية بسمى، فأقاما بها يحملان السمك من البَطيحة أوّلًا إلى عسكر الخبيث في الزواريق الصغار التي تسلك بها الأنهار الضّيقة والأرخنجان التي لا تسلكها الشَّذَا والسُّميريّات؛ فكانت موادّ سمك البَطيحة متّصلة إلى عسكر الخبيث بمقام هذين الرجلين بحيث ذكرنا، واتّصلت أيضًا مِيَر الأعراب وما كانوا يأتون به من البادية، فاتّسع أهلُ عسكره، ودام ذلك إلى أن استأمن إلى الموفّق رجلٌ من أصحاب الفاجر الذين كانوا مضمومين إلى القَلوص، يقال له: على بن عمر، ويعرف بالنقَّاب، فأخبر بخبر مالك بن بِشْران ومقامه بالنهر المعروف بالديناريّ، وما يصل إلى عسكر الخبيث بمقامه هناك من سَمك البطيحة وجلْب الأعراب، فوجَّه الموفق زِيرك مولاه في الشَّذَا والسُميريّات إلى الموضع الذي به ابن أخت القَلوص، فاوقع به وبأهل عسكره، فقتل منهم فريقًا وأسر فريقًا، وتفرَّق أهلُ ذلك العسكر، وانصرف مالك إلى الخبيث مفلولًا، فردَّه الخبيث في جمع إلى مؤخّر النهر المعروف باليهوديّ؛ فعسكر هنالك بموضع قريب من النهر المعروف بالفيّاض، فكانت الميَر تتّصِل بعسكر الخبيث مما يَلِي سَبخة الفيّاض، فانتهى خبر مالك ومقامه بمؤخر نهر اليهودي، ووقْعُ المِيَر من تلك الناحية إلى عسكر الفاجر إلى الموفّق، فأمر ابنه أبا العباس بالمصير إلى نهر الأمير، والنهر المعروف بالفيّاض لتعرّف حقيقة ما انتهى إليه من ذلك، فنفذ الجيش، فوافق جماعةً من الأعراب يرأسهم رجلٌ قد أورد من البادية إبلًا وغنمًا وطعامًا، فأوقع بهم أبو العباس، فقتل منهم جماعةً وأسر الباقين، ولم يُفلت من القوم إلا رئيسهم، فإنه سبق على حِجْر كانت