وأبطالهم ليحولَ بين هؤلاء الرّجال والرجوع إلى مدينة صاحب الزَّنج؛ فتوجّه أبو العباس لذلك، وعلم الخبيث بمسير أبي العباس له، فأمر بهبوذ أن يسير في أصحابه في المعترَضات والأنهار الغامضة ليخفى خبره، إلى أن يوافى القَنْدل وأبراسان ونواحيها، فنهض بهبوذ لما أمره به الخبيث من ذلك فاعترضت له في طريقه سُميرية من سُميريات أبي العباس، فيها غلمان من غلمانه الناشبة في جماعة الزَّنْج، فقصد بهبوذ لهذه السميريّة طامعًا فيها، فحاربه أهلُها، فأصابته طعنة في بطنه من يد غلام من مقاتلة السميرّية أسود، فهوى إلى الماء، فابتدره أصحابهُ، فحملوه، وولّوْا منهزمين إلى عسكر الخبيث، فلم يصلوا به إليه؛ حتى أراح الله منه؛ فعظُمت الفجيعة به على الفاسق وأوليائه، واشتدّ عليه جزعُهم، وكان قتلُه الخبيثَ من أعظم الفتوح، وخفيَ هلاكُه على أبي أحمد؛ حتى استأمن رجلٌ من الملاحين، فأنهى إليه الخبَر، فسُرّ بذلك، وأمر بإحضار الغلام الذي وَليَ قَتْلَه، فأحضر، فوصله وكساه وطوّقه، وزاد في أرزاقه، وأمر لجميع مَنْ كان في تلك السميريّة بجوائز وخلع وصلات.
* * *
وفي هذه السنة كان أول شهر رمضان منها يوم الأحد، وكان الأحد الثاني من الشَّعانين وفي الأحد الثالث الفِصْح، وفي الأحد الرابع النيروز، وفي الأحد الخامس انسلاخ الشهر (١).
وفيها ظفر أبو أحمد بالذوائبيّ، وكان ممايلًا لصاحب الزَّنج.
وفيها كانت وقعة بين يدكوتكين بن إساتكين وأحمد بن عبد العزيز، فهزمه يدكوتكين وغلبه على قُمّ.
وفيها وجّه عمرو بن الليث قائدًا بأمر أبي أحمد إلى محمد بن عبيد الله بن أزارمرد الكرديّ، فأسره القائد وحَمله إليه.
وفي ذي القعدة منها خرج رجل من ولد عبد الملك بن صالح الهاشميّ بالشام يقال له: بَكّار بين سَلَمْيَة وحلب وحِمْص؛ فدعا لأبي أحمد، فحاربه ابنُ عباس