والجزر، وسهل لأبي أحمد في موضعه الذي كان مقيمًا فيه كل ما أراده من رُخْص الأسعار وتتابع الميَر وحَمْل الأموال إليه من البلدان ورغبة الناس في جهاد الخبيث ومَنْ معه من أشياعه؛ فكان ممّن صار إليه من المطوّعه أحمد بن دينار عامل إيذَج ونواحيها من كُور الأهواز في جمع كثير من الفرسان والرّجّالة؛ فكان يباشر الحرب بنفسه وأصحابه إلى أن قُتل الخبيث، ثم قدم بعده من أهل البحرين - فيما ذكر - خلق كثير، زُهاء ألفي رجل، يقودهم رجل من عبد القيس، فجلس لهم أبو أحمد، ودخل إليه رئيسهم ووجوههم؛ فأمر أن يُخلع عليهم؛ واعترض رجالهم أجمعين، وأمر بإقامة الأنزال لهم، وورد بعدهم زهاء ألف رجل من كُور فارس، يرأسهم شيخ من المطوّعة يكنى أبا سلمة، فجلس لهم الموفّق، فوصل إليه هذا الشيْخ ووجوه أصحابه، فأمر لهم بالخِلع، وأقرّ لهم الأنزال، ثم تتابعت المطوّعة من البلدان؛ فلما تيسر له ما أراد من السَّكْر الذي ذكرنا، عزم على لقاء الخبيث، فأمر بإعداد السفن والمعابر وإصلاح آلة الحرب في الماء وعلى الظَّهْر، واختار مَنْ يثِق ببأسه ونجدته في الحرب فارسًا وراجلًا؛ لضيق المواضع التي كان يحارب فيها وصعوبتها وكثرة الخنادق والأنهار بها؛ فكانت عِدّة مَنْ تخيّر من الفرسان زُهاء ألفي فارس، ومن الرَّجالة خمسين ألفًا أو يزيدون، سوى مَنْ عبر من المطوّعة وأهل العسكر، ممّن لا ديوان له، وخلّف بالموفقيّة من لم تتسع السفن بحمله جمًّا كثيرًا أكثرهم من الفرسان.
وتقدّم الموفّق إلى أبي العباس في القصد للموضع الذي كان صار إليه في يوم الثلاثاء لعشر خلوْن من ذي القعدة سنة تسع وستين ومئتين من الجانب الشرقيّ بإزاء دار المهلبيّ في أصحابه وغلمانه ومَنْ ضمّهم إليه من الخيل والرجّالة والشَّذَا، وأمر صاعد بن مخلَد بالخروج على النهر المعروف بأبي شاكر في الجانب الشرقيّ أيضًا، ونظم القوّاد من مواليه وغلمانه من فُوّهة نهر أبي الخصيب إلى نهر الغربيّ، وكان فيمن خرج من حدّ دار الكرنبائيّ إلى نهر أبي شاكر راشد ولؤلؤ مَوْلَيا الموفّق في جمع من الفرسان والرّجالة زُهاء عشرين ألفًا، يتلو بعضُهم بعضًا، ومن نهر أبي شاكر إلى النهر المعروف بجوى كور جماعة من قوّاد الموالي والغلمان، ثم من نهر جوى كور إلى نهر الغربيّ مثل ذلك. وأمر شبلًا أن يقصد في أصحابه ومَن ضُمّ إليه إلى نهر الغربيّ، فيأتي منه موازيًا لظهر دار المهلبيّ، فيخرج من ورائها عند اشتباك الحرب، وأمر الناس أن