وبغداد صالحًا الأمين حاجبه، فقصد الموضع الذي كانت شيبان تتخذه معقلًا من أرض الجزيرة، فلما بلغهم قصدُه إياهم، ضمُّوا إليهم أموالهم وعيالاتهم.
ثم ورد كتاب المعتضد أنَّه أسرَى إلى الأعراب من السنّ، فأوقع بهم، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وغرق منهم خلق كثير في الزابَيْن، وأخذ النساء والذراريّ، وغنم أهل العسكر من أموالهم ما أعجزهم حمله، وأخذه من غنمهم وإبلهم ما كثر في أيدي الناس حتى بيعت الشاة بدرهم والجمل بخمسة دراهم، وأمر بالنساء والذرايّ أن يحْفَظُوا حتى يُحْدَروا إلى بغداد ثم مضى المعتضد إلى الموصِل، ثم إلى بلَد، ثم رجع إلى بغداد، فلقيه بنو شيبان يسألونه الصفح عنهم، وبذلوا له الرهائن، فأخذ منهم خمسمئة رجل - فيما قيل، ورجع المعتضد يريد مدينة السلام، فوافاه أحمد بن أبي الأصبغ بما فارق عليه أحمد بن عيسى بن الشيخ من المال الذي أخذه من مال إسحاق بن كُنْداج، وبهدايا ودوابّ وبغال في يوم الأربعاء لسبع خلون من شهر ربيع الأول.
* * *
وفي شهر ربيع الأول ورد الخبر بأن محمد بن أبي الساج افتتح المرَاغة بعد حصار شديد وحرب غليظة كانت بينهم، وأنه أخذ عبد الله بن الحسين بعد أن آمنه وأصحابه، فقيّده وحبسه، وقرّره بجميع أمواله، ثم قتله بعدُ.
وفي شهر ربيع الآخر ورد الخبرُ بوفاة أحمد بن عبد العزيز بن أبي دُلف، وكانت وفاته في آخر شهر ربيع الأول، فطلب الجند أرزاقَهم، وانتهبوا منزل إسماعيل بن محمد المنشئ، وتنازع الرئاسة عمر وبكر ابنا عبد العزيز، ثم قام بالأمر عمر، ولم يكتب إليه المعتضد بالولاية.
وفيها افتتح محمد بن ثور عثمان، وبعث برؤوس جماعة من أهلها، وذكر أنّ جعفر بن المعتمد تُوفِّيَ في يوم الأحد لاثنتي عشرة خلتْ من شهر ربيع الآخر منها؛ وأنه كان مُقامه في دار المعتضد لا يخرج ولا يظهر، وقد كان المعتضد نادمه مرارًا.
وفيها انصرف المعتضد إلى بغداد من خرجته إلى الأعراب.
وفيها في جمادى الآخرة ورد الخبر بدخول عمرو بن الليث نَيْسابور، في جمادى الأولى منها.