زكرياء بن يحيى، وحمل معه مالًا، وعبر إلى الجانب الغربي من دِجْلة من أرض ديار ربيعة، وقدَّر اللحاق بالأعراب لمّا حِيلَ بينه وبين أكراده الذين في الجائب الشرقيّ، وعبر في أثره نفرٌ يسير من الجند فاقتصّوا أثره، حتى أشرفوا على دير كان قد نزله؛ فلما بَصُر بهم من خرج من الدَّيْر هاربًا ومعه كاتبه، فألقيا أنفسهما في زَوْرق، وخلَّفا المال في الدَّيْر، فحُمل إلى المعتضد، وانحدر أصحاب السلطان في طلبه على الظهر وفي الماء، فلحقوه، فخرج عن الزَّوْرق حاسرًا إلى ضيعة له بشرقيّ دجلة، فركَب دابة لوكيله، وسار ليله أجمع إلى أن وافَى مضرب إسحاق بن أيوب في عسكر المعتضِد، مستجيرًا به، فأحضره إسحاق مضرب المعتضد، وأمر بالاحتفاظ به، وبثّ الخيل في طلب أسبابه، فظفِر بكاتبه وعدّة من قَراباته وغلمانه، وتتابع رؤساء الأكراد وغيرهم في الدّخول في الأمان؛ وذلك في آخر المحرّم من هذه السنة.
* * *
وفي شهر ربيع الأول منها قُبِض على بكتمر بن طاشتمر، وقُيِّد وحُبس، وقبِض ماله وضياعه ودوره.
وفيها نُقلت ابنة خمارويه بن أحمد إلى المعتضد لأربع خَلَوْن من شهر ربيع الآخر، ونُودي في جانبي بغداد ألّا يعبر أحد في دِجْلة يوم الأحد، وغُلِّقت أبواب الدُّروب التي تلي الشطّ، ومُدّ على الشوارع النافذة إلى دِجْلة شراع، ووُكِّل بحافّتي دجْلة مَنْ يمنع أن يظهروا في دورهم على الشطّ.
فلما صلِّيت العتمة وافت الشَّذَا من دار المعتضد، وفيها خدم معهم الشمع، فوقفوا بإزاء دار صاعد، وكانت أعِدّت أربع حرَّاقات شُدّت مع دار صاعد، فلما جاءت الشذا أحْدِرت الحرّاقات، وصارت الشَّذَا بين أيديهم؛ وأقامت الحُرّة يوم الإثنين في دار المعتضد، وجُليَتْ عليه يوم الثلاثاء لخمس خلون من شهر ربيع الأول (١).
وفيها شخص المعتضد إلى الجبل، فبلغ الكرج، وأخذ أموالًا لابن أبي دُلف