للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقعة أحضر الجنابيّ من كان أسر من أصحاب العباس، فقتلهم جميعًا، ثمَّ أمر بحطب فطرِح عليهم، وأحرقهم.

وكانت هذه الوقعة - فيما ذكر - في آخر رجب، وورد خبرها بغداد لأربع خلون من شعبان.

* * *

وفيها - فيما ذكر - صار الجنّابيّ إلى هَجَر، فدخلها وآمن أهلها؛ وذلك بعد منصرفه من وقعة العباس، وانصرفَ فَلُّ أصحاب العباس بن عمرو يريدون البصرة، ولم يكن أفلت منهم إلَّا القليل بغير أزواد ولاكسًا، فخرج إليهم من البصرة جماعة بنحو من أربعمئة راحلة، عليها الأطعمة والكسا والماء، فخرج عليهم - فيما ذكر - بنو أسد، فأخذوا تلك الرواحل بما عليها، وقتلوا جماعة ممن كان مع تلك الرواحل ومن أفلت من أصحاب العبّاس؛ وذلك في شهر رمضان؛ فاضطربت البصرة لذلك اضطرابًا شديدًا وهمُّوا بالانتقال عنها، فمنعهم أحمد بن محمَّد الواثقي المتولّي لمعاونها من ذلك، وتخوّفوا هجومَ القرامطة عليهم.

ولثمان خَلَوْن من شهر رمضان منها - فيما ذكر - وردت خريطة على السلطان من الأبُلّة بموافاة العباس بن عمرو في مركب من مراكب البحر، وأن أبا سعيد الجنّابيّ أطلقه وخادمًا له.

ولإحدى عشرة خلتْ من شهر رمضان، وافَى العباس بن عمرو مدينة السلام، وصار إلى دار المعتضد بالثّريا، فذُكر أنَّه بقي عند الجنّابيّ أيامًا بعد الوقعة، ثمَّ دعا به، فقال له: أتحبّ أن أطلقك؟ ، قال: نعم، قال: امض وعرِّف الذي وجّه بك إلى ما رأيت. وحمله على رواحل، وضمّ إليه رجالًا من أصحابه، وحمّلهم ما يحتاجون إليه من الزاد والماء، وأمر الرجال الذين وجّههم معه أن يؤدّوه إلى مأمنه، فساروا به حتى وصل إلى بعض السواحل فصادف به مركبًا، فحمله فصار إلى الأبلّة، فخلع عليه المعتضد وصرفه إلى منزله.

وفي يوم الخميس لإحدى عشرة خلتْ من شوّال ارتحل المعتضد من مَضْرَبه

<<  <  ج: ص:  >  >>