بباب الشمَاسية في طلب وصيف خادم ابن أبي الساج، وكتم ذلك، وأظهر أنَّه يريد ناحية ديار مُضَر.
وفي يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلتْ منه، ورد الخبر - فيما ذُكر - على السلطان أن القرامطة بالسواد من أهل جُنُبلاء وثبوا بواليهم بدر غلام الطائي، فقتلوا من المسلمين جمعًا فيهم النساء والصبيان، وأحرقوا المنازل.
ولأربع عشرة خلت من ذي القعدة نزل المعتضد كنيسة السوداء في طلب وصيف الخادم، فأقام بها يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء، حتى تلاحق به الناس، وأراد الرحيل في طريق المصِّيصة، فأتته العيون أنّ الخادم يريد عين زربة، فأحضر الركّاضة الثغريّين وأهل الخبرة، فسألهم عن أقصد الطريق إلى عين زربة، فقطعوا به جيحان غداة الخميس لسبع عشرة خلت من ذي القعدة، فقدّم ابنه عليًّا ومعه الحسن بن علي كوره، وأتبعه بجعفر بن سِعْر، ثمَّ أتبع جعفرًا محمَّد بن كُمُشْجور، ثمَّ أتبعه خاقان المفلحيّ، ثمَّ مؤنس الخادم، ثمَّ مؤنس الخازن، ثمَّ مضى في آثارهم مع غلمان الحجر، ومرّ بعين زَرْبة؛ وضرب له بها مضرب، وخلّف بها خفيفًا السَّمْرقنديّ مع سواده، وسار هو قاصدًا للخادم في أثر القوّاد، فلما كان بعد صلاة العصر جاءته البشارات بأخذ الخادم، ووافوْا به المعتضد، فسلمه إلى مؤنس الخادم وهو يومئذ صاحب شرطة العسكر، وأمر ببذل الأمان لأصحاب الخادم والنّداء في العسكر ببراءة الذمّة ممن وُجد في رحله شيء من نهب عسكر الخادم، ولم يردّه على أصحابه؛ فردّ الناس على كثير منهم ما انتهبوا من عسكرهم. وكانت الوقعة وأسرُ وصيف الخادم - فيما قيل - يوم الخميس لثلاث عشرة بقيت من ذي القعدة، وكان من اليوم الذي ارتحل المعتضد فيه من مضربه بباب الشماسيّة إلى أن قبض على الخادم ستة وثلاثون يومًا.
ولما قبض المعتضد على الخادم انصرف - فيما ذكر - إلى عين زربة، فأقام بها يومين، فلمّا كان في صبيحة الثالث؛ اجتمع إليه أهل عين زربة، وسألوه أن يرحل عنهم لضيق الميرة ببلدهم، فرحل عنها في اليوم الثالث، فنزل المصّيصة بجميع عساكره إلَّا أبا الأغرّ خليفة بن المبارك؛ فإنَّه كان وجّهه ليأخذ على الخادم الطريق لئلّا يصير إلى مَرْعش، وناحية مَلْطَية، وكان الخادم قد أنفذ عياله وعيال أصحابه إلى مرعش وبلغ أصحاب الخادم الذين كانوا قد هربوا ما بذَل لهم