للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب القاسم إلى المكتفي لمّا بايع غلمان أبيه له بالخلافة، وأخذ عليهم البَيْعة بما فعل من ذلك، فقدم بغداد المكتفي وبدْر بعد بفارس، فلمَّا قدمها عمل القاسم في هلاك بدر؛ حذرًا على نفسه - فيما ذكر - من بدر أن يقدَم على المكتفي، فيطلعَه على ما كان القاسم همّ به، وعزم عليه في حياة المعتضد من صرف الخلافة عن ولد المعتضد إذا مات. فوجّه المكتفي - فيما ذكر - محمَّد بن كُمُشْجور وجماعة من القوّاد برسائل، وكتب إلى القوّاد الذين مع بدر يأمرهم بالمصير إلى ما قبَله ومفارقة بدر وتركه، فأوصلت الكتب إلى القوّاد في شرّ، ووجّه إليه يانس خادم الموفّق، ومعه عشرة آلاف ألف درهم ليصرفها في عطاء أصحابه لبيعة المكتفي، فخرج بها يانس.

فذُكر: أنَّه لما صار بالأهواز، وجّه إليه بدر مَنْ قَبَض المال منه فرجع يانس إلى مدينة السلام؛ فلمّا وصلت كتب المكتفي إلى القوّاد المضمومين إلى بدر؛ فارق بدرًا جماعة منهم، وانصرفوا عنه إلى مدينة السلام؛ منهم العباس بن عمرو الغَنَويّ وخاقان المفلحيّ ومحمد بن إسحاق بن كُنْداج وخفيف الأذكوتكيني وجماعة غيرهم. فلما صاروا إلى مدينة السلام دخلوا على المكتفي، فخلع - فيما ذكر - على نيّف وثلاثين رجلًا منهم، وأجاز جماعةً من رؤسائهم؛ كلّ رجل منهم بمئة ألف درهم، وأجاز آخرين بدون ذلك، وخلَع على بعضهم، ولم يجزه بشيء. وانصرف بدر في رجب؛ عامدًا المصيرَ إلى واسط. واتَّصل بالمكتفي إقبالُ بدر إلى واسط، فوكّل بدار بدر، وقبض على جماعة من غلمانه وقوّاده؛ فحُبِسُوا، منهم نحرير الكبير، وعَريب الجبليّ، ومنصور ابن أخت عيسى النُّوشري. وأدخل المكتفي على نفسه القوّاد، وقال لهم: لست أؤمِّر عليكم أحدًا، ومَنْ كانت له منكم حاجة فليلقَ الوزير، فقد تقدّمتُ إليه بقضاء حوائجكم. وأمر بمحو اسم بدر من التراس والأعلام، وكان عليها أبو النجم مولى المعتضد بالله، وكتب بدرٌ إلى المكتفي كتابًا دفعه إلى زيدان السعيديّ، وحمله على الجمّازات. فلما وصل الكتاب إلى المكتفي أخذه، ووكّل بزيدان هذا وأشخص الحسن بن عليّ كوره في جيش إلى ناحية واسط. وذُكر أنَّه قدّمه المكتفي على مقدمته.

ثمَّ أحدر محمَّد بن يوسف مع المغرب لليلة بَقيت من شعبان من هذه السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>