للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تدخل إليه فكسرها، وأخذ شظيَّة منها فقطع بها بعض عروق نفسه، فخرج منه دم كثير، ثمَّ شَدّ يده، فلما وقف المولَّى خدمته على ذلك سأله: لمَ فعل ذلك؟ فقال: هاج بي الدم فأخرجته، فترِك حتى صلح، ورجعت إليه قوّته.

ولما كان يوم الإثنين لسبع بَقين من شهر ربيع الأوّل أمر المكتفي القوّاد والغلمان بحضور الدّكة التي أمر ببنائها، وخرج من الناس خلقٌ كثير لحضورها، فحضروها، وحضر أحمد بن محمَّد الواثِقيّ وهو يومئذ يلي الشرطة بمدينة السلام ومحمد بن سليمان كاتب الجيش الدّكة، فقعدا عليها، وحمِل الأسرى الذين جاء بهِم المكتفي معه من الرَّقة والذين جاء بهم محمَّد بن سليمان ومَنْ كان في السجن من القَرامطة الذين جمعوا من الكوفة، وقومٌ من أهل بغداد كانوا على رأي القرامطة، وقومٌ من الرّفوغ من سائر البلدان من غير القرامطة - وكانوا قليلًا - فجيء بهم على جمال، وأحضِروا الدّكة، ووقفوا على جمالهم، ووكِّل بكلّ رجل منهم عونان، فقيل: إنهم كانوا ثلاثمئة ونيّفًا وعشرين، وقيل ثلاثمئة وستين، وجيء بالقرمطيّ الحسين بن زكرويه المعروف بصاحب الشامة؛ ومعه ابن عمه المعروف بالمدّثر على بغل في عماريّة، وقد أسبِل عليهما الغشاء، ومعهما جماعة من الفرسان والرّجّالة، فصعِد بهما إلى الدكة، وأقعِدا، وقدّم أربعة وثلاثون إنسانًا من هؤلاء الأسارى، فقُطِعت أيديهم وأرجلهم، وضُربت أعناقهم واحدًا بعد واحد، كان يُؤخذ الرجل فيبطح على وجهه فتقطع يمنى يديه، ويحلّق بها إلى أسفل ليراها الناس، ثمَّ تُقطع رجله اليسرى، ثمَّ يسرى يديه، ثمَّ يمنى رجليه، ويُرمى بما قطِع منه إلى أسفل، ثمَّ يقعَد فيمدّ رأسه، فيضُرب عنقه، ويرمَى برأسه وجثته إلى أسفل، وكانت جماعة من هؤلاء الأسرى قليلة يضجّون ويستغيثون، ويحلفون: أنهم ليسوا من القرامطة.

فلما فُرغ من قتل هؤلاء الأربعة والثلاثين النفس - وكانوا من وجوه أصحاب القرمطيّ - فيما ذكر - وكبرائهم قُدّم المدّثر، فقطِعت يداه ورجلاه وضربت عنقه، ثمَّ قدَّم القرمطيّ فضُرِب مئتي سوط، ثمَّ قطِعت يداه ورجلاه، وكوِيَ فغُشِيَ عليه، ثمَّ أخِذ خشب فأضرمت فيه النار، ووُضع في خواصرِه وبطنه، فجعل يفتح عينيه ثمَّ يغمضهما؛ فلما خافوا أن يموت ضُربت عنقه، ورُفع رأسه على خشبة، وكبّر مَن على الدكة وكبّر سائر الناس، فلما قُتِل انصرف القوّاد ومَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>