ليوافوا به مدينة السلام مع الحاجّ، فحُمِل في القوافل الشاخصة إلى مدينة السلام، فذهب ذلك كله.
وذكر: أن القرامطة بينما هم يقتلون وينهبون هذه القافلة يوم الإثنين؛ إذ أقبلت قافلة الخُراسانية، فخرج إليهم جماعةٌ من القرامطة، فواقعوهم، فكان سبيلُهم سَبيلَ هذه، فلما فرغ زكرويه من أهل القافلة الثانية من الحاجّ. وأخذ أموالهم، واستباح حريمَهم، رحل مِنْ وقته من العقبة بعد أن ملأ البرك والآبار بها بالجَيف من الناس والدواب، وكان ورد خبر قطعه على القافلة الثانية من قوافل السلطان مدينة السلام في عشيَّة يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من المحرّم، فعظم ذلك على الناس جميعًا وعلى السلطان، وندب الوزيرُ العباس بن الحسن بن أيوب محمدَ بن داود بن الجرّاح الكاتب المتوَلِّي دواوين الخراج والضياع بالمشرق وديوان الجيش للخروج إلى الكوفة، والمقام بها لإنفاذ الجيوش إلى القرمطيّ، فخرج من بغداد لإحدى عشرة بقيتْ من المحرّم، وحمل معه أموالًا كثيرة لإعطاء الجند.
ثمَّ سار زكرويه إلى زُبالة فنزلها، وبثّ الطلائع أمامه ووراءه خوفًا من أصحاب السلطان المقيمين بالقادسيّة أن يلحقوه ومتوقعًا ورود القافلة الثالثة التي فيها الأموال والتجار، ثمَّ سار إلى الثعلبيّة، ثمَّ إلى الشقوق، وأقام بها بين الشقوق والبِطان في طرف الرّمل في موضع يعرف بالطليح، ينتظر القافلة الثالثة، وفيها من القوّاد نفيس المولديُّ وصالح الأسود، ومعه الشَّمْسَة والخزانة، وكانت الشمسة جعل فيها المعتضد جوهرًا نفيسًا.
وفي هذه القافلة، كان إبراهيم بن أبي الأشعث - وإليه كان قضاء مكة والمدينة وأمر طريق مكة والنفقة فيه لمصالحه - وميمون بن إبراهيم الكاتب - وكان إليه أمر ديوان زمام الخراج والضياع - وأحمد بن محمَّد بن أحمد المعروف بابن الهزلَّج، والفرات بن أحمد بن محمَّد بن الفرات، والحسن بن إسماعيل قرابة العباس بن الحسن - وكان يتولى بريد الحرمين - وعليُّ بن العباس النَّهيكيّ.
فلما صار أهل هذه القافلة إلى فيْد بلغهم خبرُ الخبيث زكرويه وأصحابه، وأقاموا بِفَيْد أيامًا ينتظرون تقويةً لهم من قِبَل السلطان.