معرّجًا على أخبار الملوك الذين عاصروهم، وملوك الفرس على الخصوص؛ مع ذكر الأمم التي جاءت بعد الأنبياء حتى مبعث الرسول عليه الصلاة والسلام.
أما القسم الإسلامي فقد رتَّبه على الحوادث من عام الهجرة، حتى سنة ثلاثمئة واثنتين؛ وذكر في كل سنة ما وقع فيها من الأحداث المذكورة؛ والأيام المشهورة؛ وإذا كانت أخبار الحوادث طويلة جزّأها على حسب السنين، أو يشير إليها بالإجمال؛ ثم يذكرها في الموضع الملائم.
وترجع قيمة هذا الكتاب إلى أنه قد استطاع أن يجمع بين دفتيه جميع الموادّ المودعة في كتب الحديث والتفسير واللغة والأدب والسير والمغازي وتاريخ الأحداث والرجال؛ ونصوص الشعر والخطب والعهود؛ ونسق بينها تنسيقًا مناسبًا، وعرَضها عرضًا رائعًا رائقًا؛ ناسبًا كلّ رواية إلى صاحبها، وكلّ رأي إلى قائله؛ كما أنه أودع هذا الكتاب فصولًا صالحة ونُتفًا متنوعة من متون الكتب التي أتت عليها عوادي الأيام، وأورد من أقوال العلماء ما لا نجده إلا في هذا الكتاب.
مصادر الطبريّ في هذا التاريخ هي كل ما سبقه من المواد التي عرفها العرب من قبله، وأخذ من كل متخصص في فنه، أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة وغيرهما ممن نقل عن ابن عباس، ونقل السيرة عن أبان بن عثمان وعروة بن الزبير وشرحبيل ابن سعد وموسى بن عقبة وابن إسحاق، وروى أخبار الدرَّة والفتوح عن سيف بن عمر الأسديّ، وحوادث يومَي الجمل وصفّين عن أبي مخنف والمدائني، وتاريخ الأمويين عن عوانة بن الحكم، وأخبار العباسيين من كتب أحمد بن أبي خيثمة؛ كما أخذ أخبار العرب قبل الإسلام من عبيد بن شَرْية الجرهميّ ومحمد بن كعب القرظي ووهب بن منبّه، وأخبار الفرس من الترجمات العربية من كتب الفرس، ولا سيما كتب ابن المقفع وابن الكلبي: وغير هذا مما تراه في مباحث مواد تاريخ الطبري المستفيضة التي نشرها الدكتور جواد علي تباعًا في مجلّة المجمع العلمي العراقي ببغداد.
نشر الدكتور جواد علي في مجلة المجمع العلمي بالعراق مقالات إضافية بعنوان "مواد تاريخ الطبري"، بلغ فيها الغاية في عمق البحث ودقة التحليل وحسن الأداء، مع الإلمام الكامل بالموضوع من كل نواحيه، وقد أفدت منه في هذا المقام.