للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لي فتي منهم- وهو في السبي؛ وقد جُمِعت يداه إلي عنقِه برُمَّةٍ ونسوة مجتمعات غير بعيد منه: يا فتي! قلت: نعم؛ قال: هل أنتَ آخذٌ بهذه الرُّمة فقائدي بها إلى هؤلاء النسوة، حتى أقضيَ إليهنّ حاجة، ثم تَرُدّني بعد، فتصنعوا بي ما بدا لكم؟ قال: قلت: والله ليَسيرٌ ما سألت، فأخذت برُمّتِه فقدْتُه بها حتى أوقفته عليهنّ، فقال: اسلمي حُبَيش، علي نَفَد العيش:

أرَيتَكِ إذْ طالبْتكم فوَجَدْتُكُم ... بحَلْيَةَ أو ألْفيتكمْ بالخَوَانِقِ!

ألم يَكُ حَقًّا أن يُنَوَّلَ عاشِقٌ ... تكَلَّفَ إدْلَاجَ السُّري والوَدَائِقِ!

فلا ذَنْبَ لي قد قُلْتُ إذْ أَهْلُنا معًا ... أثيبي بوُدٍّ قَبْلَ إحْدَي الصَّفَائِقِ!

أثيبي بوُدٍّ قبل أن تَشْحَط النَّوَي ... ويَنْأَي الأمِيرُ بالحبيب المفارِقِ

فإنِّيَ لا سِرًّا لَدَيَّ أضَعْتُه ... ولا راق عَيني بعد وَجهِك رائِق

عَلَى أنَّ ما نابَ العَشِيرَةَ شَاغِلٌ ... ولا ذِكْرَ إلَّا أن يكون لوامِقِ

قالت: وأنت فحُيّيتَ عشرًا، وسبْعًا وتْرًا، وثمانيًا تَتري! ثم انصرفتُ به، فقدِّم فضُرِبت عنقه (١). (٣: ٦٨/ ٦٩).


(١) حديث أبي حدرد هنا هذا أخرجه البيهقي في الدلائل (٥/ ١١٨) (والبداية والنهاية ٣/ ٥٨٢) وابن سعد في طبقاته (٢/ ١٤٩) وابن هشام (٢/ ٤٣٣) وصحح الحافظ إسناده (الفتح ٨/ ٥٨).
وأخرجه ابن سعد في طبقاته (٢/ ١٤٩) من طريق سفيان بن عيينة ثني عبد الملك بن نوفل بن ساحق القرشي عن عبد الله بن عصام المزني عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بطن نخلة فقال: اقتلوا ما لم تسمعوا مؤذنًا أو تروا مسجدًا إذ لحقنا رجلًا فقلنا له: كافر أو مسلم؟ فقال: إن كنت كافرًا فمه، قلنا له: إن كنت كافرًا قتلناك! قال: دعوني أقضِ إلي النسوان حاجة! قال إذ دنا إلي امرأة منهن فقال لها: اسلمي حبَيش علي نفد العيش.
أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم ... بحلية أو ألفيتكم بالخوانق
أما كان أهلًا أن ينول عاشقٌ ... تكلف إدلاج السري والودائق
فلا ذنب لي قد قلت إذ نحن جيرةٌ ... أثيبي بودّ قبل إحدي الصفائق
أثيبي بود قبل أن تشحط النوي ... وينأي أميري بالحبيب المفارق
فقالت: نعم. حييت عشرًا وسبعًا وترًا وثمانيًا تترًا، قال: فقربناه فضربنا عنقه قال: فجاءت ترشقه حتى ماتت عليه، وقال سفيان: وإذا امرأة كثيرة النخض يعني اللحم. اهـ.
وفي رواية البيهقي من طريق النسائي (فلما قدّموا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر فقال: أما كان فيكم رجل رحيم).

<<  <  ج: ص:  >  >>