للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧٦ - وقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين مرّ بالحِجْر نزلها واستقى الناس من بئرها، فلمّا راحوا منها قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تشربُوا من مائها شيئًا، ولا تتوضّؤوا منها للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل، ولا تأكلوا منه شيئًا، ولا يخرجنّ أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له؛ ففعل الناس ما أمرهم به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا رجُلين من بني ساعدة؛ خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خُنِقَ على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملْته الريح حتى طرحته في جبلَي


= وأخرج الطبراني في المعجم الكبير (ح ٥٤١٩) عن سعد بن خيثمة قال:
تخلفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخلت حائطًا فرأيت عريشًا قد رُش بالماء ورأيت زوجتي، فقلت: ما هذا بالإنصاف، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السموم والحميم وأنا في الظل والنعيم فقمت إلى ناضح فاحتقبته وإلى ثمرات فتزودتها، فنادت زوجتي: إلى أين يا أبا خيثمة؟ فخرجت أريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنت ببعض الطريق لقيني عمير بن وهب فقلت لما اطلعت: إنك رجل جريء وإني أعرف لِمَ جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - وإني امرؤ مذنب، فتخلف عني حتى أخلو برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتخلف عني عمير، فلما طلعت على العسكر؛ فرآني الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كن أبا خيثمة" فجئت فقلت: كدت أهلك يا رسول الله. فحدثته حديثي فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا ودعا لي.
وذكره الهيثمي وقال: رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف (مجمع الزوائد ٦/ ١٩٣).
قلنا: ويعقوب بن محمد الزهري هذا ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وأحمد. وقال ابن عدي: ليس بمعروف. فتعقبه الذهبي بقوله: قلت: سبب عدم معرفته ابن عدي به أنه ما لحق أصحابه ولا نشط كتابة حديثه عن أصحاب أصحابه وإلّا فالرجل مشهور مكثر ونقل الذهبي قول ابن سعد فيه:
جالس العلماء وكان حافظًا وقال ابن معين: ما حدّث عن الثقات فاكتبوه (الميزان ٤/ ٤٥٤ / ت ٩٨٢٦).
قلنا: ومثل هذا يصلح حديثه في الشواهد والمتابعات والله تعالى أعلم. وفي حديث مسلم تأييد لأصل القصة أي تخلفه في بداية الغزوة ثم لحوقه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إضافة إلى ما سبق فقد قال الحافظ ابن كثير بعد سرده لقصة أبي خيثمة عن ابن إسحاق معضلًا:
وقد ذكر عروة بن الزبير وموسى بن عقبة قصة أبي خيثمة بنحوٍ من سياق محمد بن إسحاق وأبسط (البداية والنهاية ٣/ ٦٧٤) وهذه الطرق تتقوى ببعضها ويؤيدها ما في رواية مسلم والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>