للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٥ - قال: وقدم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ- وقد كان تخلّف عنه رهط من المنافقين، وتخلّف أولئك الرّهط من المسلمين من غير شكّ ولا نفاق: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أميّة- فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يكلّمن أحدٌ أحدًا من هؤلاء الثلاثة، وأتاه مَنْ تخلّف عنه من المنافقين، فجعلوا يحلفون له ويعتذرون، فصفح عنهم رسول الله ولم يعذِرْهم الله ولا رسوله، واعتزل المسلمون كلامَ هؤلاء الثلاثة النفر، حتى أنزل الله عزّ وجلّ قوله: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} -إلى قوله- {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، فتاب الله عليهم (١). (٣: ١١١).


= فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال: فأخر الصلاة يومًا ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا ثم قال: (إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي).
قال: فجئنا وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء فسألهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (هل مسستما من مائها شيئًا؟ ) قالا: نعم. فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء ثم غسل رسول الله فيه وجهه ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانًا).
(١) ذكر الطبري خبر الثلاثة الذين خلفوا عن ابن إسحاق بدون إسناد. وخبره هنا مختصر جدًّا وخبرهم (من حديث كعب بن مالك) وهو أحدهم عند البخاري ومسلم وغيرهما والله تعالى أعلم.
فقد أخرجه البخاري بطوله [كتاب المغازي / باب حديث كعب بن مالك / ح ٤٤١٨] و (مسلم / كتاب التوبة / ح ٢٧٦٩) وأحمد (٣/ ٤٥٦) والبيهقي (الدلائل ٥/ ٢٧٣) وغيرهم والله أعلم وسنذكر هنا رواية البخاري إذ قال البخاري:
حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدًا تخلف عنها إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، كان من خبري أني لم أكن =

<<  <  ج: ص:  >  >>