للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وفي الرواية الثانية (٣/ ١٤٧) تحت عنوان (خروج الأمراء والعمال على الصدقات) وفيه: فبعث أمراءه وعماله على الصدقات على كل ما أوطأ الإسلام من البلدان، فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء، فخرج عليه العنسي وهو بها ... الحديث.
ثم قال الطبري بعد ثمانين صفحة -أي بعد انتهائه من ذكر الروايات في وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبيعة الصحابة لأبي بكر رضي الله عنه بالخلافة - قال (٣/ ٢٢٧):
بقية الخبر عن أمر الكذاب العنسي. ثم قال الطبري: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع فيما بلغنا لباذام حين أسلم وأسلمت اليمن عمل اليمن كلّها، وأمّره على جميع مخالفيها، فلم يزل عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيام حياته، فلم يعزله عنها ولا عن شيء منها، ولا أشرك معه فيها شريكًا حتى مات باذام. فلما مات فرّق عملها بين جماعة من أصحابه. اهـ.
ثم سرد الطبري روايات مفصلة عن الأسود العنسي وارتداده وقاله عمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أجزاء اليمن يوم ذاك، وكيف دانت له معظم اليمن في حينه وكيف استطاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالتعاون مع معاذ بن جبل وثلاثة من أمراء اليمن أن يقتلوا العنسي ويفرّقوا جنده، وأن خبر انتصار المسلمين في اليمن قد وصل إلى المدينة في عهد سيدنا أبي بكر بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك في أواخر شهر ربيع الأول.
ومدار هذه الروايات على سيف بن عمر التميمي، ومعلوم أن أئمة الجرح والتعديل اتفقوا على ضعفه في الحديث أو في التاريخ فقد قال عنه ابن حجر: ضعيف في الحديث عمدة في التأريخ (التقريب ١/ ٣٤٤) وقال الذهبي: كان أخباريا عارفًا (الميزان ٢/ ٢٥٥) واعتمد ابن كثير على سيف بن عمر في البداية والنهاية في حروب الردة ومواضع أخرى من تأريخ الخلفاء، وكذلك فعل الذهبي في تأريخ الإسلام: (عهد الخلفاء الراشدين) ومع ذلك (أي كونه عارفًا بالتأريخ عند الذهبي عمدة فيه عند ابن حجر) فإننا قد انتقينا من رواياته التأريخية ما كان له أصل يقويه في الصحاح أو المسانيد والسنن.
ثم في تأريخ خليفة بن خياط أو فتوح البلدان للبلاذري أو طبقات ابن سعد من المتقدمين وإن كان (الذهبي أو ابن كثير) أيّ منهما أو كلاهما قد رجّحا شيئًا في ذلك أخذنا ذلك بعين الاعتبار. (هذا بالنسبة لأسانيد الروايات التأريخية) ثم عمدنا إلى متون هذه الأسانيد المختارة فأشرنا إلى ما في بعضها من عبارات منكرة؛ حتى لا ندع مجالًا للمستشرقين وأهل البدع من الفرق الضالة أن يشوهوا تأريخ الإسلام ويطعنوا في عدالة الصحابة التي تحدثت عن فتح الأبُلَّة على يد خالد بن الوليد ومن معه من القادة في عهد الصديق رضي الله عنه، وهي تخالف الروايات الصحيحة التي ذكرت فتح الأبلة في عهد سيدنا عمر رضي الله عنه على يد غزوان بن عتبة، سواء كانت هذه الروايات الصحيحة عند الطبري أو غيره كما سيأتي بحث ذلك في أحداث السنة الثانية عشرة والرابعة عشرة.
ولقد توخينا الدقة والأمانة ما استطعنا ولا تزعم أننا قد أصبنا في جميع ما ذهبنا إليه فليس =

<<  <  ج: ص:  >  >>