ويزيد بن الأفْكَل الأزديّ. وثبت ملكهُ واستغلظ أمرُه، ودانَتْ له سواحل من السواحل؛ حاز عَثْر، والشَّرْجَة، والحَرْدة، وغَلافقَة، وعَدَن، والجَنَد؛ ثم صَنْعاء إلى عَمَل الطائف، إلى الأحسية، وعُلَيب؛ وعامله المسلمون بالبقية، وعامله أهلُ الردَّة بالكفر، والرجوع عن الإسلام. وكان خليفته في مذحِج عمرو بن معد يكرب، وأسند أمره إلى نفر؛ فأما أمرُ جنده فإلى قيس بن عبد يغوث، وأسند أمر الأبناء إلى فيروز وداذويه.
فلمَّا أثخن في الأرض؛ استخفّ بقيس وبفيروز وداذويه، وتزوَّج امرأة شهر؛ وهي ابنة عمّ فيروز؛ فبينا نحن كذلك بحضرموت ولا نأمن أن يسير إلينا الأسود، أو يبعث إلينا جيشًا، أو يخرج بحضرموت خارجٌ يدّعي بمثل ما ادَّعى به الأسود، فنحن على ظهر، تزوَّج مُعاذ إلى بني بكرة -حي من السَّكون- امرأة أخوالها بنو زنكبيل يقال لها: رَمْلة، فحَدبوا لصهره علينا، وكان معاذ بها معجَبًا، فإن كان ليقول فيما يدعو الله به: اللهمَّ ابعثني يوم القيامة مع السَّكون، ويقول أحيانًا: اللهمَّ اغفر للسَّكون؛ إذ جاءتنا كتبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرُنا فيها أن نبعثَ الرِّجال لمجاولته أو لمصاولته؛ ونُبلِغَ كلَّ من رجا عنده شيئًا من ذلك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فقام معاذ في ذلك بالذي أمر به، فعرفنا القوَّة، ووثقنا بالنصر. (٣: ٢٢٩/ ٢٣٠ / ٢٣١).
١١ - حدَّثنا السريّ، قال: أخبرنا شُعيب، قال: حدَّثنا سَيف، وحدَّثني عُبيد الله، قال: أخبرَنا عمّي، قال: أخبرنا سيف، قال: أخبرنا المستنير بن يزيد عن عروة بن غزية الدَّثِينيّ، عن الضَّحاك بن فيروز -قال السريّ: عن جُشَيش بن الديلميّ، وقال عبيد الله: عن جشنس بن الديلميّ- قال: قدِم علينا وَبَرُ بن يُحَنّس بكتاب النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يأمرنا فيه بالقيام على ديننا، والنهوض في الحرب، والعمل في الأسود: إمَّا غيلة وإما مصادمة؛ وأن نبلغ عنه مَن رأينا أن عنده نجدة ودينًا. فعملنا في ذلك، فرأينا أمرًا كثيفًا، ورأيناه قد تغيَّر لقيس بن عبد يغوث -وكان على جنده- فقلنا: يُخاف على دمه؛ فهو لأوّل دعوة؛ فدعوناه، وأنْبَأناه الشَّأنَ، وأبلغناه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فكأنما وقعنا عليه من السماء، وكان في غمّ وضيق بأمره؛ فأجابنا إلى ما أحببنا من ذلك، وجاءنا وبر بن يحنَّس، وكاتبْنا الناسَ ودعوناهم؛ وأخبره الشيطان بشيء، فأرسل إلى قيس، وقال: يا قيس!