ما يقول هذا؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول: عمدت إلى قيس فأكرمته؛ حتى إذا دخل منك كلّ مدخل، وصار في العزّ مثلك؛ مال ميل عدوّك؛ وحاول ملكَك وأضمر على الغدر! إنه يقول: يا أسود! يا أسود! يا سوءة! يا سوءة! اقطف قُنَّتَه، وخذْ من قيس أعلاه؛ وإلَّا سلبك أو قطف قُنَّتَك. فقال قيس وحلَف به: كذَبَ وذي الخِمار! لأنتَ أعظمُ في نفسي وأجَلُّ عندي من أنْ أحدِّث بك نفسي؛ فقال: ما أجفاك! أتكذّب المَلَك قد صدق الملَك؛ وعرفت الآن أنك تائبٌ مما اطَّلع عليه منك.
ثم خرج فأتانا، فقال: يا جُشَيشِ! ويا فَيروز! ويا داذويه! إنه قد قال وقلت؛ فما الرأيُ؟ فقلنا: نحن على حذر؛ فإنا في ذلك؛ إذ أرسل إلينا، فقال: ألم أشرِّفْكُم على قومِكم، ألم يبلغني عنكم! فقلنا: أقِلْنا مرَّتَنا هذه، فقال: لا يبلغني عنكم فأقتلكم؛ فنجوْنا ولم نكدْ؛ وهو في ارتياب من أمرنا وأمر قيس؛ ونحن في ارتياب وعلى خطر عظيم؛ إذ جاءنا اعتراض عامر بن شَهْر، وذي زود، وذي مُرَّان، وذي الكَلاع، وذي ظُلَيم عليه، وكاتبونا وبذلوا لنا النَّصر؛ وكاتبناهم وأمرناهم ألَّا يحركوا شيئًا حتى نُبْرم الأمْرَ -وإنما اهتاجوا لذلك حين جاء كتاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وكتب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نَجْران؛ إلى عَرَبهم وساكني الأرض من غير العرب؛ فثبتوا فتَنحَّوا وانضمّوا إلى مكان واحد- وبلغه ذلك، وأحسّ بالهلاك، وفرّق لنا الرّأيُ. فدخلتُ على آذاد؛ وهي امرأته، فقلت: يا بنة عمّ! قد عرفت بلاءَ هذا الرجل عند قومك؛ قَتَل زوجك، وطأطأ في قومك القتل، وسفل بمن بقي منهم؛ وفضح النساء؛ فهل عندك من ممالأة عليه! فقالت: على أيّ أمره؟ قلت! إخراجه، قالت: أو قتله؟ ، قلت: أو قتله، قال: نعم والله ما خَلَق الله شخصًا أبغضَ إليَّ منه؛ ما يقوم لله على حقّ، ولا ينتهي له عن حُرْمة؛ فإذا عزمتم فأعلموني أخبركم بمَأتَى هذا الأمر. فأخرج فإذا فيروز وداذويه ينتظراني، وجاء قيس ونحن نريد أن نناهِضه، فقال له رجل قبل أن يجلس إلينا: المَلِك يدعوك. فدخل في عشرة من مَذْحِج وهَمْدان. فلم يقدر على قتله معهم - قال السرِّيّ في حديثه: فقال: يا عيهلة بن كعب بن غوث! - وقال عبد الله في حديثه: يا عبهلة بن كعب بن غوث! أمنِّي تحصَّن بالرجال! ألم أخبرك الحقَّ، وتخبرني الكذابة! إنه يقول: يا سوءة! يا سوءة! إلا تقطع من قيس