يده؛ يقطع قنّتك العليا؛ حتى ظنّ: أنه قاتله؛ فقال: إنه ليس من الحق أن أقتلك وأنت رسول الله، فمرْ بي بما أحببت؛ فأما الخوف والفزع فأنا فيهما مخافة [أن تقتلني]- قال الزهري: فإما قتلتني فموتة، وقال السّري: اقتلني فموتةٌ أهوَن عليّ من موتات أموتُها كلّ يوم - فرقّ له فأخرجه، فخرج علينا فأخبرنا وواطأنا، وقال: اعْملُوا عَملَكم؛ وخرج علينا في جمع، فقمنا مُثُولًا له، وبالباب مئة ما بين بقرة وبعير، فقام وخَطَّ خَطًّا فأقيمت من ورائه، وقام من دونها، فنحرها غير محبَّسة ولا معقَّلة، ما يقتحم الخطّ منها شيء، ثم خلَّاها فجالتْ إلى أن زَهَقت؛ فما رأيت أمرًا كان أفظع منه، ولا يومًا أوحش منه. ثم قال: أحقٌّ ما بلغني عنك يا فيروز؟ وَبَوَّأ له الحربة - لقد هممتُ أن أنْحَرَك فأتْبِعَك هذه البهيمة، فقال: اخترتَنا لِصهْرِك، وفضّلتنا على الأبناء؛ فلو لم تكن نبيًّا ما بعْنَا نَصيبَنا منك بشيء؛ فكيف وقد اجتمع لنا بك أمرُ آخرة ودنيا؛ لا تقبلنَّ علينا أمثال ما يبلغك؛ فإنَّا بحيث تحبّ. فقال: اقسِمْ هذه؛ فأنت أعلم بمَنْ ها هنا، فاجتمع إليّ أهلُ صنعاء، وجعلت آمر للرهط بالجَزور ولأهل البيت بالبقرة، ولأهل الحِلَّة بعدّة، حتى أخذ أهل كلّ ناحية بقسطهم. فلحق به قبل أن يصل إلى داره -وهو واقف عليّ- رجلٌ يسعى إليه بفيروز؛ فاستمع له، واستمع له فيروز وهو يقول: أنا قاتله غدًا وأصحابه؛ فاغدُ عليّ، ثم التفت فإذا به، فقال: مَه! فأخبره بالذي صنع، فقال: أحسنت، ثم ضرب دابّته داخلًا، فرجع إلينا فأخبرنا الخبر، فأرسلنا إلى قيس؛ فجاءنا؛ فأجمع مَلؤهم أن أعود إلى المرأة فأخبرها بعزيمتنا لتخبرَنا بما تأمر؛ فأتيتُ المرأة وقلت: ما عندك؟ فقالت: هو متحرِّز متحرِّس؛ وليس من القَصْر شيء إلّا والحَرَسُ محيطون به غير هذا البيت؛ فإنّ ظهرَه إلى مكان كذا وكذا من الطريق؛ فإذا أمسيتُم فانقُبوا عليه؛ فإنكم من دون الحرَس؛ وليس دون قتله شيء. وقالت: إنكم ستجدون فيه سِراجًا وسلاحًا. فخرجتُ فتلقَّاني الأسود خارجًا من بعض منازله، فقال لي: ما أدخلك عليّ؟ ووجَأ رأسي حتى سقطتُ - وكان شديدًا - وصاحت المرأة فأدهشتْه عنّي؛ ولولا ذلك لقتلني. وقالت: ابن عمّي جاءني زائرًا، فقصّرْتَ بي! فقال: اسكتي لا أبالك، فقد وهبته لك! فتزايلَتْ عنّي، فأتيت أصحابي فقلت: النَّجاء! الهَرب! وأخبرتُهم الخبر؛ فإنا على ذلك حَيَارَى إذ جاءني رسولُها: لا تَدَعَنَّ ما فارقُتك عليه؛ فإني لم أزَلْ به حتى اطمأنَّ؛ فقلنا لفيروز: ائتِها فتثبّت منها؛