قلنا: وهذا إسناد مرسل من مراسيل الشعبي، ومعلوم: أن مراسيل الشعبي ليست كغيره فقد قال العجلي: ومرسل الشعبي صحيح لا يكاد يرسل إلا صحيحًا، وقاله عبد الملك بن عمير (تهذيب الكمال / ت ٣٠٢٩). قلنا: ومنهجنا في تحقيق تأريخ الطبري: أنَّا أخذنا بالمراسيل إذا تعددت مخارجها وذلك العدول منا عن رأي الجمهور إلى رأي الشافعي؛ لأنها روايات في التأريخ لا في الحلال والحرام والعقيدة، والله أعلم. وبالإضافة إلى ذلك فإن الشعبي من أئمة المغازي كما قال عبد الملك بن عمير: مرّ ابن عمر على الشعبي وهو يحدِّث بالمغازي فقال: لقد شهدت القوم، فلهو أحفظ لها وأعلم بها (تهذيب الكمال ت ٣٠٢٩). ومرسل الشعبي هذا يتقوى بما ذكرنا من الروايات التي في إسنادها مقال: وبمرسل آخر هو: ٤ - قال ابن حجر: روى أبو سعيد النيسابوري في كتاب (شرف المصطفى) من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لما قدم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقرأه ومزّقه كتب إلى باذان وهو عامله باليمن ... الحديث. وفي آخره فأسلم وأسلمت الأبناء من آل فارس من كان منهم باليمن جميعًا (الإصابة ١/ ٦٣٢ / ت ١٢٧٨). ويرى المؤرخ البلاذري: أن باذام مات فتولى الرئاسة بعده داذويه (ويقال: إن باذام قد كان مات ورأس الأبناء بعده خليفة له يسمى داذويه وذلك أثبت) (فتوح البلدان / ١٤٦). ولا بأس هنا أن نذكر رأي الحافظ ابن كثير وهو إمام من أئمة التأريخ الإسلامي صاحب الموسوعة المعروفة (البداية والنهاية) فهو يرى رحمه الله: أن باذام عامل كسرى على اليمن أسلم فبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنيابة اليمن بكاملها فلم يعزله منه حتى مات. فلما مات استنابه ابنه شهر بن باذام على صنعاء وبعض مخاليفه. فبعث أولًا في سنة عشر عليًّا، وخالدًا، ثم أرسل معاذًا، وأبا موسى الأشعري، وفرّق عمالة اليمن بين جماعة من الصحابة، فمنهم: شهر بن باذام، وعامر بن شهر الهمداني على همدان، وأبو موسى على مأرب ... إلخ. (البداية والنهاية ٦/ ٣١١). قلنا: ومسألة بعثه - صلى الله عليه وسلم - لعلي، وخالد رضي الله عنهما؛ فثابتة في الصحيح كما أخرج البخاري في صحيحه (باب بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع). عن البراء بن عازب قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث عليًّا بعد ذلك مكانه ... الحديث. ورواه البخاري في مواضع أخرى مختلفة. =