٥٣ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن مُطَّرح، عن القاسم، عن أبي أمامة وأبي عثمان، عن يزيد بن سنان، عن رجال من أهل الشام ومن أشياخهم؛ قالوا: لمَّا كان اليوم الَّذِي تأمّر فيه خالد؛ هزم الله الرُّوم مع الليلِ، وصعد المسلمون العَقَبة، وأصابوا ما في العسكر، وقتل الله صناديدَهم ورؤوسهم وفرسانهم، وقتل الله أخا هِرَقْل، وأخِذ التَّذارق، وانتهت الهزيمة إلى هرقل وهو دُون مدينة حِمْص، فارتحل فجعل حِمْص بينه وبينهم، وأمَّر عليها أميرًا وخلَّفه فيها، كما كان أمَّر على دمشق، وأتبع المسلمون الرُّوم حين هزموهم خيولًا يَثْفِنونهم. ولمَّا صار إلى أبي عبيدة الأمرُ بعد الهزيمة؛ نادى بالرّحيل، وارتحل المسلمون بزحْفهم حتى وضعوا عساكرَهم بمَرْج الصُّفَّر. قال أبو أمامة: فبُعِثت طليعة من مرَج الصُّفَّر، معي فارسان؛ حتى دخلت الغُوطة فجُسْتها بين أبياتها وشجراتها، فقال أحد صاحبَيّ: قد بلغتَ حيث أمِرت فانصرف لا تهلكْنا، فقلت: قِفْ مكانَك حتى تصبح أو آتيَك. فسِرْتُ حتى دفعت إلى باب المدينة؛ وليس في الأرض أحدٌ ظاهر، فنزعت لجام فرسِي وعلَّقت عليها مخلاتها، وركزت رمحي، ثم وضعت رأسي فلم أشعُر إلّا بالمفتاح يحرَّك عند الباب ليُفتح؛ فقصت فصلَّيت الغداة، ثم ركبت فرسي، فحملت عليه، فطعنت البوّاب فقتلته، ثم انكفأت راجعًا؛ فخرجوا يطلبونني، فجعلوا يكفّون عنِّي مخافة أن يكون لي كمين، فدفعت إلى صاحبي الأدْنى الَّذي أمرتُه أن يقف، فلمَّا رأوْه قالوا: هذا كمين انتهى إلى كمينه. فانصرفوا وسرت أنا وصاحبي، حتى دفعنا إلى صاحبنا الثاني، فسِرْنا حتى انتهينا إلى المسلمين؛ وقد عزم أبو عبيدة ألّا يبرح حتى يأتيَه رأيُ عمر وأمْرُه؛ فأتاه فرحلوا حتى نزلوا على دِمَشق، وخلّف باليَرْمُوك بشير بن كعب بن أبيّ الحميريّ في خَيْل (١). (٣: ٤٠٣/ ٤٠٤).
٥٤ - حدَّثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، عن صالح بن كيسان: أنّ أبا بكر رحمه الله حين سار القوم خرج مع يَزيد بن أبي سفيان يُوصيه، وأبو بكر يمشي ويزيد راكب، فلمَّا فرغ من وصيَّته قال: أقرئُك
(١) سنذكر ما ورد في فتوح الشام بعد الرواية (٣/ ٤١٧ / ٢٤٥).