للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشقر بَراءٌ من تَوَجّيه، وأنَّهم أضعفوا ضعْفَهم، فهزمهم الله على يديه! (١) (٤٠٢: ٣).

٥٢ - كتب إليّ السريّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وعمرو بن ميمون، قالوا: وقد كان هرقل حجّ قبل مهزم خالد بن سعيد، فحجّ بيت المقدس، فبينا هو مقيم به أتاه الخبر بقُرْب الجنود منه، فجمع الرُّوم، وقال: أرى من الرأي ألّا تقاتِلُوا هؤلاء القوم، وأن تُصالحوهم؛ فوالله لأن تُعطوهم نصفَ ما أخرجت الشام؛ وتأخذوا نصفًا وتقِرَّ لكم جبال الرُّوم؛ خيرٌ لكم من أن يبلغوكم على الشام، ويشاركوكم في جبال الرّوم؛ فنخر أخوه ونخر خَتَنُه؛ وتصدّع عنه مَن كان حوله؛ فلمَّا رآهم يعصونه ويردّون عليه بعث أخاه، وأمَّر الأمراء، ووجَّه إلى كلّ جند جندًا. فلما اجتمع المسلمون، أمرهم بمنزل واحد واسع جامع حصين، فنزلوا بالواقوصة، وخرج فنزل حِمْص، فلمَّا بلغه أن خالدًا قد طلع على سُوَى، وانتسف أهلَه وأموالهم، وعَمَد إلى بُصْرَى وافتتحها وأباح عَذْراء، قال لجلسائه: ألم أقل لكم لا تقاتلوهم! فإنَّه لا قِوامَ لكم مع هؤلاء القوم؛ إنّ دينهم دينٌ جديد يجدّد لهم ثِبارَهم، فلا يقوم لهم أحد حتى يُبْلَى. فقالوا: قاتِل عن دينك ولا تُجبّن النَّاس، واقض الذي عليك؛ قال: وأيَّ شيء أطلب إلّا توفيرَ دينكم!

ولما نزلت جنود المسلمين اليَرْموك، بعث إليهم المسلمون: إنَّا نريد كلامَ أميركم وملاقاته؛ فدعُونا نأتِه ونكلّمه، فأبلغوه فأذِن لهم. فأتاه أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان كالرسول، والحارث بن هشام وضِرار بن الأزور وأبو جَنْدل بن سُهيل؛ ومع أخي الملك يومئذ ثلاثون رِواقًا في عسكره وثلاثون سُرادِقًا، كلُّها من ديباج؛ فلمَّا انتهوْا إليها أبوْا أن يدخلوا عليه فيها، وقالوا: لا نستحلّ الحرير فابْرز لنا. فبرز إلى فُرُش ممهَّدة؛ وبلغ ذلك هرقل، فقال: ألم أقل لكم! هذا أوّلُ الذُّلّ، أما الشام فلا شام؛ وويل للروم من المولود المشؤوم! ولم يتأتّ بينهم وبين المسلمين صُلْح، فرجع أبو عبيدة وأصحابه، واتَّعدوا، فكان القتال حتى جاء الفتح (٢). (٣: ٤٠٢/ ٤٠٣).


(١) سنذكر ما ورد في فتوح الشام بعد الرواية (٣/ ٤١٧ / ٢٤٥).
(٢) سنذكر ما ورد في فتوح الشام بعد الرواية (٣/ ٤١٧ / ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>