للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فظهر عليه خالد بن الوليد فرده على عبد الله، وأن فرسًا لابن عمر عار فلحق بالروم فظهر عليه فرده على عبد الله) (الفتح ٦/ ٢١١).
ورواية عبد الرزاق الصحيحة في مصنفه (٥/ ١٩٤) عن نافع: أن العبد الذي أبق لابن عمر كان يوم اليرموك. فحاصل الروايتين أن اليرموك كانت في عهد أبي بكر رضي الله عنه والأمير كان خالدًا يومئذ فرد ما فقده ابن عمر رضي الله عنه ومعلوم: أن سيدنا عمر قد عزل خالدًا عن إمارة الجيوش عند توليه الخلافة وانتهت إمرة خالد لتلك الجيوش (في الشام) بانتهاء معركة اليرموك. نقول قولنا هذا فإن كان صوابًا فمن الله التوفيق وإن كان خطأ فمن أنفسنا، ونستغفر الله.
٢ - نرجع إلى ذكر مآثر التأريخ الإسلامي في عهد الفتوحات المباركة فنقول وبالله التوفيق: إن هذه المعارك تبيّن بكل جلاء: أن هذه المعارك كانت معارك العقيدة وأن المجاهدين كانوا مدفوعين بدافع الإيمان. فالجهاد في سبيل الله، ولو كان في سبيل مغانم ومكاسب دنيوية؛ لقبلوا بعروض قواد الروم المغرية وأن الصحابة ومن معهم من تابعين لو وضعوا الأمور مواضع مادية وحسبوا لها بالحسابات الأرضية لكانوا هم الأخسرين في جميع المقاييس المعهودة، إلا أن العقيدة ونعني عقيدة التوحيد هي التي استقرت في قلوبهم فأذابوا الجبال وركبوا الأهوال وداسوا هيبة أكبر الجيوش النظامية وأكثرها عدة وعتادًا وإلّا قل لي بربك أين التناسب بين عددهم وعدد أعدائهم فالمسلمون لم يجاوزوا أربعين ألفًا بينما عدد الروم بين مئة وعشرين ألفًا في أدنى حد إلى ثلاثمئة ألف في أقصى حد كما ذكرت الروايات التأريخية. والروم في مملكتهم والمسلمون خارج ديارهم وأهليهم، وبينهم وبين الخلافة مفاوز وأمراء.
٣ - سر انتصار جماعة الصحابة ومن معهم في تلك المعارك هو ما ذكرته الروايات الآنفة الذكر: من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار، ويوفون بالعهد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويتناصفون بينهم ومن أجل أنا (أي الروم) نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام وننقض العهد ونغصب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض فقال: أنت صدقتني. فلتنظر الأمة اليوم في أي الجهتين تقف هي، وعندها فلتنتظر النصر الرباني {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}.
٤ - الروايات التأريخية التي ذكرناها في قسم الصحيح تؤكد لنا بكل جلاء عظمة الإسلام المتمثلة في الرحمة والشفقة والعدالة والإحسان حتى في ساحات الوغى، وذلك واضح من خلال توصيات الصديق رضي الله عنه وهو يودع الجيوش ويعيّن الأمراء ويوجههم إلى أرض المعركة: (أوصيكم بتقوى الله، لا تعصوا، ولا تغلوا، ولا تجبنوا، ولا تهدموا بيعة، ولا تعقروا نخلًا، ولا تحرقوا زرعًا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تقتلوا شيخًا كبيرًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>