أما بالنسبة لمسألة الخلاف هذا بين عام (١٣) و (١٥) هـ. والذي أراد المستشرقون أن يجعلوه من بين نقاط الضعف في تدوين التاريخ الإسلامي وخاصة عهد الخلافة الراشدة، فإن باشميل له رأي قيم وخلاصته: أن الطبري يؤكد تكرار القتال في اليرموك قبل أجنادين ومعركة اليرموك الكبرى، وإذا كان الطبري قد بوّب لمعركة اليرموك قبل معركة أجنادين (في فلسطين) فإنه قد ذكر أثناء سياقه عن أحداث الواقعتين أن أجنادين وقعت قبل اليرموك، فأجنادين وقعت في (٢٨) من جمادى الأولى (١٣ هـ) بينما اليرموك انتهت في شهر رجب (١٣ هـ) كما يذكر الطبري نفسه فلعل التقديم والتأخير هذا خطأ فني ولعله حدث من بعض النساخ وحتى لو وقع من الطبري فهذا خطأ بسيط في تدوين التأريخ (لا يلام عليه من هو في مثل عصر الطبري)، ونحن نضيف إلى قول الأستاذ باشميل بأن نقول: ولعل الطبري أو تلاميذه ذكروا معركة اليرموك وبوّبوا لها قبل أجنادين (علمًا بأنهم ذكروا أن تأريخ أجنادين قبل اليرموك). وقال الحافظ ابن حجر: ووقعة اليرموك كانت أول خلافة عمر بين المسلمين والروم سنة ثلاث عشرة وقيل: سنة خمس عشرة ويؤيد الأول قوله في الحديث الذي بعده، لأن سن عبد الله بن الزبير كان عشر سنين (الفتح ٧/ ٣٤٩). وذلك لسبب قوي جدًّا وهو أن معركة اليرموك هي المعركة الفاصلة في فتوحات الشام فالذي ينتصر في هذه المعركة تفتح له أبواب الشام والعكس بالعكس، وكما كان خالد رضي الله عنه يدرك هذه الحقيقة ويبيّنها لقيادة أركانه وأمرائه قائلًا: (إن هذا اليوم له ما بعده) ولهذه الأهمية قدّموا ذكر اليرموك على غيرها والله أعلم. وأخيرًا وليس آخرًا فإنا (المحققان) نرى: من الراجح ما ذكره سيف في أنها كانت سنة (١٣ هـ) وإن كان سيف ضعيفًا، وذلك لسبب بسيط هو أنا لو جمعنا رواية البخاري السابقة الذكر مع رواية عبد الرزاق الصحيحة الإسناد في مصنفه لرجحت كفة رواية سيف القائلة بأنها وقعت عام (١٣ هـ) وليس (١٥ هـ). فالبخاري روى في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه: (أنه كان على فرس يوم لقي المسلمون، وأسير المسلمين يومئذ خالد بن الوليد بعثه أبو بكر فأخذه العدو، فلما هزم العدو رد خالد فرسه. والرواية الأخرى عند البخاري: أن عبدًا لابن عمر أبق فلحق بالروم =