سائر الأصناف أمثالهم. وقال قبل أن يُرسلهم: انطلقوا فقومُوا في النَّاس بما يحقّ عليكم ويحقّ عليهم عند مواطن البأس؛ فإنَّكم من العرب بالمكان الذي أنتم به، وأنتم شُعراء العرب وخُطباؤهم وذوو رأيهم ونجدتهم وسادتهم، فسيروا في الناس، فذكِّروهم وحَرّضوهم على القتال. فساروا فيهم، فقال قيس بن هُبَيرة الأسَديّ: أيُّها الناس! احمَدوا الله على ما هداكم له وأبلاكم يَزِدْكم، واذكروا آلاءَ الله، وارغَبوا إليه في عاداته؛ فإنّ الجنّة أو الغنيمة أمامكم؛ وإنه ليس وراء هذا القصْر إلا العراء والأرض القَفْر، والطراب الخُشْن، والفلوات التي لا تقطعها الأدِلّة.
وقال غالب: أيُّها الناس! احمَدوا الله على ما أبلاكم، وسلوه يزدْكم، وادعوه يُجبْكم؛ يا معاشر مَعَدّ! ما علَّتُكم اليوم وأنتم في حصونكم -يعني: الخيل- ومعكم من لا يعصيكم -يعني: السيوف- اذكروا حديث الناس في غدٍ؛ فإنه بكم غدًا يُبْدَأ عنده، وبمن بعدكم يُثنَّى.
وقال ابن الهُذيل الأسديّ: يا معاشر معدّ! اجعلوا حصونكم السيوف، وكونوا عليهم كأسود الأجَم، وترَبَّدوا لهم تربُّد النُّمور، وادَّرِعوا العَجاج، وثقوا بالله، وغُضّوا الأبصار، فإذا كلَّت السيوف فإنها مأمورة، فأرسلوا عليهم الجنادل، فإنها يؤذن فيما لا يؤذن للحديد فيه.
وقال بُسْر بن أبي رُهْم الجُهَنيّ: احمَدوا الله، وصدّقوا قولكم بفعل، فقد حمِدتم الله على ما هداكم له ووحّدتموه ولا إله غيره، وكبّرِتموه، وآمنتم بنبيّه ورُسُله فلا تَموتُنّ إلا وأنْتم مُسْلِمُون؛ ولا يكوننّ شيء بأهون عليكم من الدُّنيا، فإنها تأتي مَن تهاون بها، ولا تميلوا إليها فتهرُب منكم لتميلَ بكم. انصُرُوا الله ينصُركم.
وقال عاصم بن عمرو: يا معاشرَ العرب! إنَّكم أعيانُ العرب، وقد صمدتم الأعيان من العجم؛ وإنما تخاطرون بالجنَّة، ويخاطرون بالدنيا، فلا يكونُنّ على دنياهم أحوطَ منكم على آخرتكم. لا تحدِثوا اليوم أمرًا تكونون به شَيئًا على العَرَب غدًا.
وقال ربيع بن البلاد السعديّ: يا معاشرَ العرب! قاتلوا للدّين والدُّنيا؛ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ