للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث انتهيا، وانفرج القلْب حين قام قائم الظهيرة، وركد عليهم النَّقْع، وهبَّت ريحٌ عاصف، فقلعت طيَّارة رستم عن سريره، فهوت في العتيق؛ وهي دَبُور، ومال الغبار عليهم، وانتهى القعقاع ومَن معه إلى السرير فعثروا به، وقد قام رستم عنه حين طارت الرّيح بالطيّارة إلى بغال قد قدمت عليه بمال يومئذ فهي واقفة، فاستظلّ في ظلّ بغل وحِمْله، وضرب هلال بن عُلَّفة الحِمْل الذي رستم تحته؛ فقطع حباله، ووقع عليه أحد العِدْلين، ولا يراه هلال ولا يشعر به؛ فأزال من ظهره فَقارًا، ويضربه ضربة فنفحت مِسْكًا، ومضى رستم نحو العتيق فرمى بنفسه فيه، واقتحمه هلال عليه؛ فتناوله وقد عام؛ وهلال قائم، فأخذه برجله، ثم خرج به إلى الجُدّ، فضرب جبينه بالسَّيف حتى قتله، ثم جاء به حتى رمى به بين أرجل البغال، وصعد السرير، ثم نادى: قتلتُ رستم وربّ الكعبة! إليّ! فأطافوا به وما يُحسُّون السرير ولا يروْنه؛ وكبَّروا وتنادَوْا، وانبتّ قلب المشركين عندها وانهزموا، وقام الجالنوس على الرّدْم، ونادى أهل فارس إلى العبور، وانسفر الغبار؛ فأمَّا المقترنون فإنَّهم جشعوا فتهافتوا في العتيق، فوخزهم المسلمون برماحهم فما أفلت منهم مخبِّر، وهم ثلاثون ألفًا، وأخذ ضِرار بن الخطاب "دِرَفْشِ كابيان"، فعُوّض منها ثلاثين ألفًا، وكانت قيمتها ألف ألف ومئتي ألف، وقتلوا في المعركة عشرة آلاف سوى مَنْ قتلوا في الأيَّام قبله (١). (٣: ٥٦٣/ ٥٦٤).

١٣٩ - كتب إليّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن عَطيَّة، عن عمرو بن سَلمة، قال: قتَل هلال بن عَلَّفة رستمَ يوم القادسيّة (٢). (٣: ٥٦٤).

١٤٠ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد، قالوا: لما انكشف أهلُ فارس؛ فلم يبقَ منهم بين الخَنْدق والعتيق أحد، وطبّقت القتلى ما بين قُدَيس والعتيق أمر سعد زُهرة باتّباعهم، فنادى زهرة في المقدّمات، وأمر القعقاعَ بمَن سفَل، وشُرَحْبيل بمن علا، وأمر خالد بن عُرْفَطة بسَلْب القتلى وبدَفْن الشهداء، فدُفن الشهداء، شهداء ليلة الهرير ويوم القادسيَّة حول قُديْس ألفان وخمسمئة وراءَ العتيق بحِيال مُشرِّق، ودُفن شهداء ما كان قبل ليلة الهرير على مشرِّق، وجُمعت الأسلاب والأموالُ فجُمع منها شيءٌ لم يُجمَع


(١) إسناده ضعيف وسنذكر متابعات وشواهد القصة بعد قليل.
(٢) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>