وطريقة الحوليات انفرد بها المؤرخون المسلمون عن اليونان والرومان وأوربا في العصور الوسطى، ولم يبتكر المؤرخون المسلمون عن اليونان والرومان وأوربا في العصور الوسطى، ولم يبتكر الطبري هذه الطريقة، بل سبقه إليها بعض المؤرخين المسلمين مثل الهَيثَم بن عَدي (٢٠٧ هـ) وجَعْفر بن محمد بن الأزهر (٢٧٦ هـ) وعمار بن وسيمة المصري (٢٨٩ هـ) والوَاقدي (٢٠٧ هـ) لكن تاريخ الطبري أقدم كتاب وصل إلينا على ترتيب السنين، ثم سار على هذه الطريقة بعد الطبري كثيرون، مثل ابن مِسْكَويه (٤٢١ هـ)، وابن الجَوْزي (٥٩٧ هـ) وابن الأثير (٦٣٠ هـ) وأبو الفداء (٧٣٢ هـ)، وخالفهم في ذلك اليَعْقُوبي (٢٨٤ هـ) والدِّينَوَري والمَسْعُودي (٣٤٦ هـ) وابن خَلدون (٨٥٨ هـ) الذين كتبوا تاريخ الحوادث بشكل كامل ومتصل ولو استغرق سنوات، إلى أن أدخل مؤرِّخ الإِسلام الذهبي (٧٤٨ هـ) في كتابه "تاريخ الإسلام" تعديلًا عليه بالتقسيم الفرعي للحوادث متتبعًا نظام العُقُود، أي من السنة الأولى إلى السنة العاشرة، وهكذا، وطبق هذا التقسيم إلى عقود على كل أجزاء كتابه (وهو ٢١ جزءًا من بداية التاريخ الإسلامي حتى بداية القرن الثامن الهجري)، واستمد الذهبي أصول هذا التقسيم من تاريخ السيرة النبوية مع الربط بآداب الطبقات والتراجم.
وطريقة الطبري في سرد أحداث كل حَوْلية ليست على نسق واحد، فتارة يذكر الحدث التاريخي، ثم يبدأ بذكر تفاصيله، والروايات التي فيه، وتارة يذكر جملة أحداث وقعت في سنة واحدة، ثم يعود إلى تفصيلها، ويختم الحولية غالبًا بذكر من توفي فيها من الأعلام المشهورين، ويذكر باستمرار في ختام كل حوليَّه أسماء عمال الأقاليم وأمراء الحج في تلك السنة، كما يذكر أخبار المرابطين في الثغور للجهاد، خاصة مع الروم.
أما الأخبار التي لا ترتبط بسنة معينة فكان الطبري يذكرها كاملة، فمثلًا كان يختم الحديث عن كل خليفة واستعراض الأحداث التي وقعت في عهده بذكر سيرته وترجمته.
٢ - نقل الروايات: عوَّل الطبري في أكثر كتابه على الرُّواة، كما صرّح في مقدمته السابقة، محتجًا أن المؤرخ لا يصحُّ له أن يستند إلى المنطق والقياس