للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩٤ - حدَّثنا أبنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، عن شعبة بن الحجاج، عن المخارق بن عبد الله البَجَليّ، عن طارق بن شهاب البَجَليّ، قال: أتينا أبا موسى وهو في داره بالكوفة لنتحدّث عنده، فلما جلسنا قال: لا عليكم أن تخفُّوا، فقد أصيب في الدار إنسان بهذا السقم، ولا عليكم أن تَنَزَّهوا عن هذه القرية، فتخرجوا في فسيح بلادكم ونَزِهها حتى يُرفع هذا الوباء؛ سأخبركم بما يكرَه مما يتَّقى، من ذلك أن يظن مَنْ خرج أنه لو أقام مات، ويظنّ مَن أقام فأصابه ذلك أنه لو خرج لم يصبه، فإذا لم يظنّ هذا المرء المسلم فلا عليه أن يخرج، وأن يتنزّه عنه؛ إني كنت مع أبي عبيدة بن الجرَّاح بالشأم عام طاعون عَمَواس، فلما اشتعل الوجع، وبلغ ذلك عمرَ، كتب إلى أبي عبيدة ليستخرجه منه: أن سلام عليك، أمّا بعد، فإنه قد عرضتْ لي إليك حاجة أريد أن أشافهك فيها، فعزمت عليك إذا نظرت في كتابي هذا ألا تضَعه من يدك حتى تقبل إليّ. قال: فعرف أبو عبيدة أنه إنما أراد أن يستخرجه من الوباء، قال: يغفر الله لأمير المؤمنين! ثمَّ كتب إليه: يا أمير المؤمنين! إني قد عرفت حاجتك إليّ، وإني في جند من المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضيَ الله فيّ وفيهم أمره وقضاءه، فحلِّلني من عزمتك يا أمير المؤمنين! ودَعْني في جندي. فلما قرأ عمر الكتاب بكَى، فقال الناس: يا أمير المؤمنين، أمات أبو عبيدة؟ قال: لا، وكأنْ قدْ. قال: ثم كتب إليه: سلام عليك، أما بعد، فإنك أنزلتَ الناس أرضًا غَمِقة، فارفعهم إلى أرض مرتفعة نَزِهة. فلما أتاه كتابه دعاني، فقال: يا أبَا موسى! إنّ كتاب أمير المؤمنين قد جاءني بما ترى، فاخرج فارتدْ للناس منزلًا حتى أتبعك بهم، فرجعتُ إلى منزلي لأرتحل، فوجدت صاحبتي قد أصيبت، فرجعت إليه، فقلت له: والله لقد كان في أهلي حَدَث، فقال: لعلَّ صاحبتك أصيبت! قلت: نعم، قال: فأمر ببعيره فرحِّل له، فلما وضع رجلَه في غَززه طُعِن، فقال: والله لقد أصِبْت. ثم سار بالناس حتى نزل الجابية، ورُفِع عن الناس الوباء (١). (٤: ٦٠/ ٦١).


= والصواب ما قال موسى بن عقبة: أنه مات في طاعون عمواس؛ وهو ابن ثمان وثلاثين والله تعالى أعلم.
(١) إسناده ضعيف ولكن له متابع فقد أخرج الطحاوي كذلك من طريق شعبة بن الحجاج عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>