رضي الله عنهما، فزعم الجُند أنهم يَكرهون ذلك، فرددتُه عليهم وليس ذاك لهم، أكذاك؟ قالوا: نعم.
وقالوا: إني أحبّ أهل بيتي وأعطيهم؛ فأما حبّي فإنه لم يمِلْ معهم على جوْر، بل أحمل الحقوق عليهم، وأمَّا إعطاؤهم فإني ما أعطيهم من مالي، ولا أستحلّ أموال المسلمين لنفسي؛ ولا لأحد من الناس؛ ولقد كنت أعطي العطيّة الكبيرة الرغيبة من صُلْب مالي أزمانَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ وأنا يومئذ شحيح حريص، أفحينَ أتيت على أسنان أهل بيتي، وفَنيَ عمري، وودّعت الذي لي في أهلي قال الملحدون ما قالوا! وإني والله ما حملت على مصْرٍ من الأمصار فضلًا فيجوزَ ذلك من قاله؛ ولقد رددتُه عليهم، وما قدم عليّ إلا الأخماس، ولا يحلّ لي منها شيء؛ فوليَ المسلمون وضْعها في أهلها دوني؛ ولا يُتَلفَّت من مال الله بفلْس فما فوقه؛ وما أتبلّغ منه ما آكل إلّا مالي.
وقالوا: أعطيت الأرض رجالًا؛ وإنّ هذه الأرضين شاركهم فيها المهاجرون والأنصار أيام افتُتحت؛ فمَن أقام بمكان من هذه الفتوح فهو أسوة أهله، ومَن رجع إلى أهله لم يُذْهب ذلك ما حوى الله له؛ فنظرت في الذي يُصيبهم مما أفاء الله عليهم، فبعتُه لهم بأمرهم من رجال أهل عقارٍ ببلاد العرب، فنقلتُ إليهم نصيبهم، فهو في أيديهم دوني.
وكان عثمان قد قسم ماله وأرضه في بني أميّة، وجعل ولده كبعض مَن يعطي، فبدأ ببني أبي العاص، فأعطى آل الحكَم رجالهم عشرة آلاف، عشرة آلاف، فأخذوا مئة ألف، وأعطى بني عثمان مثلَ ذلك، وقسم في بني العاص وفي بني العيص وفي بني حرب.
ولانتْ حاشية عثمان لأولئك الطوائف، وأبي المسلمون إلّا قتلَهم، وأبَى إلّا تركهم؛ فذهبوا ورجعوا إلى بلادهم على أن يغزوه مع الحجّاج كالحجّاج؛ فتكاتبوا وقالوا: موعدُكم ضواحي المدينة في شوّال؛ حتى إذا دخل شوّال من سنة اثنتي عشرة، ضربوا كالحُجّاج فنزلوا قرب المدينة (١). (٤: ٣٤٣/ ٣٤٤ / ٣٤٥/ ٣٤٦ / ٣٤٧/ ٣٤٨).
(١) إسناد هذه الرواية ضعيف ولكن لمتنه (في أغلب مفرداته) ما يشهد له إلا ما سنوضح بطلانه، =