١ - أما ما جاء في رواية سيف هذه من أن أهل الكوفة رفضوا ولاية سعيد بن العاص وقبلوا ولاية أبي موسى فأقرهم عثمان على ذلك؛ فهو صحيح كما سبق أن ذكرنا في موضعه، وفي هذا ردّ على أهل البدع والمستشرقين والمتغربين الذين يزعمون أن سيدنا عثمان لم يكن يأبه لرأي العامّة والرعية بل كان يسمع من أقربائه من بني أمية فقط، وهذه الرواية وما يؤيدها من الصحيح تكذب ما قالوا فهو رضي الله عنه سمع لأهل الكوفة وليسوا من أقربائه ولم يسمع كلام معاوية رضي الله عنه وهو قريبه، ولم يكن معزولًا عن جماهير الأمة بسوار من بني أمية لاهيًا عن معاناة الناس ومشاكلهم كما يحلو لبعض الحاقدين أن يقولوا ذلك. ٢ - وأما إتمام سيدنا عثمان للصلاة في السفر وهي من الأمور التي عابوه عليها واستغربوه فلا ضير عليه، ورواية سيف تؤكد بوضوح: أنه رضي الله عنه كان يتأول ذلك بأنه قدم بلدًا فيه أهله فأتم لذلك - وهو بتأوله خرج من كونه مخالفًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سنذكر وهذه المسألة ليست بغريبة على فقه الصحابة، فقد أخرج البخاري في صحيحه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (الصلاة أول ما فرضت ركعتان؛ فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر) فقال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال: تأولت ما تأول عثمان (أبواب التقصير ٢/ ٣٦) ولذلك قال ابن حجر في الفتح: والمنقول: أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان أثناء سفره فله حكم المقيم (فتح الباري / ٦٦٥). ويقول أيضًا: والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عبادة بن عبد الله بن الزبير قال: وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذ قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعًا أربعًا ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام أتم الصلاة (فتح الباري ٢/ ٦٦٥). وراجع مسند أحمد (٤/ ٩٤). ٣ - أما جمع القرآن فكما قال الإمام القاضي أبو بكر العربي: فتلك حسنته العظمى وخصلته الكبرى وإن كان وجدها كاملة، لكنه أظهرها ورد الناس إليها وحسم مادة الخلاف فيها وكان =