ولقد انقسم المعاصرون في حقه إلى طوائف: ١ - الطائفة الأولى: بالغت في إبراز دور عبد الله بن سبأ والسبئية من أمثال سعيد الأفغاني في كتابه (عائشة والسياسة) وهو باحث سني. ٢ - الطائفة الثانية: بالغت في تقليل دور عبد الله بن سبأ والسبئية إلى حد إنكار وجود هذه الشخصية التأريخية من أمثال مرتضى العسكري في كتابه (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى) وهو باحث شيعي. ٣ - الطائفة الثالثة: لم تنكر دوره ولكن بين هؤلاء وهؤلاء، ولقد استقرأ سليمان بن حمد العودة في كتابه (عبد الله بن سبأ) معظم كتابات المعاصرين عن شخصية ابن سبأ ودوره في إحداث الفتنة، ولقد حصل على رسالة الماجستير برسالته هذه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وكتابه المذكور ثري بمادة علمية غزيرة فصّل فيها وأجاد وأغنانا عناء التفصيل فجزاه الله خيرًا، ولكنا هنا نذكر زبدة أو خلاصة ترجّح لدينا والله أعلم فنقول وبالله التوفيق: أولًا: أما نفي مرتضى العسكري لوجود شخصية عبد الله بن سبأ فنفي لا يستند إلى دليل قوي، وهو تغافل عن حقائق تأريخية وإنكار حتى لمصادر التأريخ والفقه الشيعي (الذي يعتبر من رواده المعاصرين) ولقد سبق إلى ذلك كل من علي الوردي وآخرين من كتاب الشيعة ولسنا بصدد مناقشة حول تضعيف أو تقوية ما أورده الكيثي من روايات مسندة عن عبد الله بن سبأ، فلسنا مختصين في كتب رجال الشيعة ولكننا نحاوره في نقده للروايات المنقولة في كتب السنة. وخلاصة قوله: إن سيف بن عمر التميمي هو المصدر الرئيس لذكر عبد الله بن سبأ كما في تأريخ الطبري بالإضافة إلى كتب الملل والنحل التي ذكرت ابن سبأ بلا إسناد، ثم اعتمد من جاء بعدهم على مرويات سيف أو أقوال أهل الملل والنحل كابن إسماعيل الأشعري والشهرستاني وغيرهم. وعندما يتحدث عن مؤرخ موثوق ومشهور كابن عساكر، وابن حجر، والذهبي فإنه يقول: هؤلاء وغير هؤلاء نهلوا من معين سيف تارة وأخرى من معين مؤلفي الفرق والملل والنحل (عبد الله بن سبأ وأساطير أخرى / ١٧١). ويبدو أن مرتضى العسكري يعتقد: أن القراء لا يستطيعون الرجوع إلى هذه المصادر التي ذكر بعضها وتغافل عن بعضها الآخر أو يتمنى العسكري ذلك، وردًا على كلام العسكري، وجواد مغنية، وعلي الوردي نقول: ١ - ليس الجاحظ بأول من ذكر عبد الله بن سبأ وإنما ذكره من قبل حبجب البغدادي (٢٤٥ هـ) في كتابه (المحبّر / ٣٠٨). ٢ - وذكر عبد الله بن سبأ يعود إلى قبل ذلك بقرن ونصف من الزمان، فقد أخرج ابن عساكر =