للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فقد أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب السنة بسند صحيح (٢/ ٥٨٩) عن قيس بن عباد رضي الله عنهم قال: قال علي رضي الله عنه لابنه الحسن يوم الجمل: يا حسن ليت أباك مات من عشرين سنة، قال فقال له الحسن: يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا، قال: يا بني لم أو الأمر يبلغ هذا.
وأخرجه كذلك ابن أبي شيبة (١٥/ ٢٨٢) وجوّد الهيثمي إسناده (المجمع ٩/ ١٥٠) أي أنه لم يكن يظن أن الأمر يصل إلى درجة القتال واقعًا بين الطرفين.
وكذلك بالنسبة للطرف الآخر فقد أخرج البزار في البحر الزخار (٣/ ١٩٠) وأحمد في (المسند ١/ ١٦٥) عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال: قلنا للزبير -يعني في قصة الجمل-: يا أبا عبد الله ما جاء بكم؟ ضيعتم الخليفة الذي قتل -يعني: عثمان- بالمدينة، ثم جئتم تطلبون بدمه -يعني: بالبصرة- فقال الزبير: إنا قرأنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (لم نكن نحسب أنّا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت). وكذلك أخرج الطبري في تفسيره (٩/ ٢١٨) عن الحسن البصري قال: (قال الزبير: لقد خوفنا بهذه الآية ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما ظننا أن خصصنا بها).
وهاتان الروايتان تبين لنا أمرين: الأول: أن الزبير رضي الله عنه لم يكن هدفه القتال حين خروجه صوب البصرة -والأمر الثاني: أن الزبير أكد أنه لم يكن من المجموعة (الخاصة) التي شاركت في فتنة عثمان وإنما كان من (العامة) الذين لم يظلموا سيدنا عثمان في حقيقة الأمر.
الطابع الدفاعي للمعركة:
بعد ما تبيّن لنا نوايا الطرفين وأنهما ما كانا يقصدان القتال، ولم يكونا يتوقعان ذلك يومًا من الأيام نقول:
لعلّ أحد المبتدعة يقول فلماذا إذًا تقاتلوا؟ فنقول وبالله التوفيق: إن قيادة الجيشين من الصحابة ومن معهم من التابعين كانوا يتحاشون القتال قدر المستطاع ولكن مثيري الفتنة، والسبئية، وقتلة عثمان حرّشوا بين الصفين وحملوا عليهما فبدأ القتال الذي لم يتمناه علي ولا طلحة ولا الزبير ولا عائشة، وحتى الذين كانوا مع السيدة عائشة رضي الله عنها قاتلوا دفاعًا عنها لأنها أم المؤمنين وبقية مما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
والحديث الذي أخرجه الطبري في تأريخه خير دليل على كلامنا هذا؛ فقد أخرج (٤/ ٥٠٣) عن حجير بن ربيع (وهو تابعي جليل) أنه قال: قال لي عمران بن حصين سر إلى قومك أجمع ما يكونون فقم فيهم قائمًا فقل: أرسلني إليكم عمران بن حصين صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليكم السلام ورحمة الله، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو لأن يكون عبدًا حبشيًّا مجدَّعًا يرعى أعنزًا حضينات في رأس جبل حتى يدركه الموت أحبّ إليّ من أن يرمى بسهم واحد بين الفريقين؛ قال: فرفع شيوخ الحيّ رؤوسهم إليه، فقالوا: إنا لا ندع ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشيء أبدًا. وإسناده حسن صحيح. =

<<  <  ج: ص:  >  >>