للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أن قال: شد خناق الروم (البداية والنهاية ٨/ ١٣٦).
٨ - مقتل حجر بن عدي - رضي الله عنه - في عهد سيدنا معاوية.
ولعل البعض من أهل الأهواء والبدع يطعنون في حكم سيدنا معاوية وعدله ويقولون: إنه - رضي الله عنه - قتل حجرًا وأصحابه وليس له ذلك.
قلنا: إذا كان جمهور أهل السنة والجماعة يرون اجتهاد الإمام علي في قتال معاوية لأنه خرج عليه اجتهادًا صائبًا، فبالطريقة نفسها وبالمكيال نفسه نقول: إن الروايات التأريخية صحيحها وضعيفها تبين أن حجرًا قد أعلن العصيان والخروج على ولي الأمر الذي أجمعت الأمة قاطبة على بيعته كما قال ابن حزم رحمه الله:
ثم سلَّم الحسن الأمر إلى معاوية وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منه بلا خلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل فكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته) [الفصل (٥/ ٦)].
قلنا: والشريعة التي أجازت للإمام علي أن يقاتل من بغى وخرج عليه كذلك تجيز لمعاوية أن يقاتل من خرج عليه، وحرَّض الناس على العصيان المسلح مصداقًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتاكم وأمركم جميعًا على رجل واحدٍ يريد أن يشق عصاكم أو يفرّق جماعتكم فاقتلوه" [صحيح مسلم مع شرح النووي (٢/ ٢٤٢)].
علمًا بأن سيدنا معاوية اشتهر بالحلم والصفح وهذا يعني أن حجرًا قد جاوز الحد وبلغ مبلغًا غير مأمون على وحدة الأمة فرأى معاوية في قتله ضمانًا لوحدة الأمة كما أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق الإمام أحمد بن حنبل عن عفان بن مسلم عن ابن علية عن أيوب بن كيسان عن عبد الله بن أبي مليكة قال: "لما قدم معاوية دخل على عائشة فقالت: أقتلت حجرًا؟ قال: يا أم المؤمنين إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خيرٌ من استحيائه في فسادهم" وهذا إسناد صحيح والله أعلم.
وأخيرًا فإن سيدنا معاوية - رضي الله عنه - خليفة من الخلفاء الاثني عشر الذين أخبر عنهم - صلى الله عليه وسلم - لاعتبارات كثيرة.
منها: كون الأمة قد أجمعت على بيعته فسُمّي ذلك العام عام الجماعة، ومعلوم أن إحدى روايات حديث الخلفاء الاثني عشر بلفظ: "لا يزال هذا الدين قائمًا حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة" كما في سنن أبي داود.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ويجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء وإن كانوا ملوكًا ولم يكونوا خلفاء الأنبياء، بدليل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كانت بنو إسرائيل يسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا يكون نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر" قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا ببيعة الأول فالأول ... " الحديث. =

<<  <  ج: ص:  >  >>