كيف أصبَح؟ فقلتُ: نائم، وقد تَغطَّى، فنظر الرّسول إليه مغطًّى بالقطيفة، فرجع فأخبرَها فقبِلَتْ ذلك، وظنّتْ أنه نائم، قال رجاء: وأجلستُ على الباب من أثق به، وأوصيتُه ألّا يبرح حتى آتيَه، ولا يدخل على الخليفة أحد.
قال: فخرجتُ فأرسلتُ إلى كعب بن حامد العبسيّ، فجمَعَ أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا في مسجد دابق، فقلت: بايعوا، فقالوا: قد بايعنا مرّة ونبايع أخرى! قلتُ: هذا عهد أمير المؤمنين، فبايعوا على ما أمَرَ به ومن سمّى في هذا الكتاب المختوم، فبايَعوا الثانية؛ رجلًا رجلًا. قال رجاء: فلما بايعوا بعد موت سليمان رأيتُ أني قد أحكمتُ الأمر، قلت: قوموا إلى صاحبكم فقد مات، قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون! وقرأتُ الكتاب عليهم، فلما انتهيت إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشامُ بن عبد الملك: لا نبايعه أبدًا، قلتُ: أضرب والله عنقَك، قُم فبايع، فقام يجرّ رجليه.
قال رَجاء: وأخذتُ بضَبْعَي عمر بن عبد العزيز فأجلستُه لما وقع فيه وهشام يسترجع على المنبر وهو يسترجع لما أخطأه، فلما انتهى هشام إلى عمر قال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون! حين صارت إليّ لكراهته [إياها]، والآخَر يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، حيث نُحِّيَتْ عني.
قال: وغُسل سليمانُ وكفّن وصلّى عليه عمرُ بن عبد العزيز؛ قال رجاء: فلما فُرغ من دفنه أتيَ بمراكب الخلافة: البَراذين والخيل والبغال ولكلّ دابة سائس، فقال: ما هذا! قالوا: مَركَب الخلافة، قال: دابتي أوفَق لي، وركب دابّته، قال: فصُرفت تلك الدوابّ، ثمّ أقبل سائرًا، فقيل: منزل الخلافة، فقال: فيه عيال أبي أيوب وفي فُسطاطي كفاية حتى يتحوّلوا، فأقام في منزله حتى فرّغوه بعدُ؛ قال رجاء: فلما كان المساء من ذلك اليوم قال: يا رجاء، ادعُ لي كاتبًا، فدعوتُه وقد رأيتُ منه كلَّ ما سَرَّني، صَنَع في المراكب ما صنَعَ، وفي منزل سليمان؛ فقلتُ: كيف يصنع الآن في الكتاب؟ أيصنع نُسخًا، أم ماذا؟ فلما جلس الكاتب أملَى عليه كتابًا واحدًا من فيه إلى يد الكاتب بغير نُسخة، فأملى أحسنَ إملاء وأبلغَه وأوجزَه، ثمّ أمر بذلك الكتاب أن يُنسخ إلى كلّ بلد.
وبلغ عبدَ العزيز بن الوليد - وكان غائبًا - موتُ سليمان بن عبد الملك، ولم يعلم ببيعة الناس عُمَر بن عبد العزيز، وعهدِ سليمان إلى عمر، فعقد لواء ودعا