قد وجَّهت إليك عشرين ألفًا مددًا؛ عشرة آلاف من أهل البصرة عليهم عمرو بن مسلم، ومن أهل الكوفة عشرة آلاف عليهم عبد الرحمن بن نُعيم، ومن السلاح ثلاثين ألف رمح ومثلها تِرسَة، فافرض فلا غاية لك في الفريضة لخمسة عشر ألفًا.
قال: ويقال إن الجُنيد أوفد الوفد إلى خالد بن عبد الله، فأوفد خالد إلى هشام: إنّ سَوْرة بن الحُرّ يتصيّد مع أصحاب له فهجم عليهم التّرك، فأصيبوا. فقال هشام حين أتاه مصاب سورة: إنا لله وإنا إليه راجعون! مُصاب سَوْرة بن الحرّ بخراسان والجرّاح بالباب! وأبْلى نصر بن سيّار يومئذ بلاء حسنًا، فانقطع سيفه، وانقطع سيور ركابه؛ فأخذ سيور ركابه؛ فضرب بها رجلًا حتى أثخنَه، وسقط في اللهب مع سَوْرة يومئذ عبد الكريم بن عبد الرحمن الحنفيّ وأحد عشر رجلًا معه. وكان ممّن سلم من أصحاب سَوْرة ألف رجل، فقال عبد الله بن حاتم بن النعمان: رأيت فساطيط مبنيّة بين السماء والأرض؛ فقلت: لمن هذه؟ فقالوا: لعبد الله بن بسطام وأصحابه، فقتلوا من غدٍ؛ فقال رجل: مررت في ذلك الموضع بعد ذلك بحين فوجدت رائحة المسك ساطعة. قال: ولم يشكر الجُنيد لنصر ما كان من بلائه، فقال نصر:
إنْ تحسُدُوني على حُسن البلاءِ لكُمْ ... يومًا فمِثْلُ بَلائي جَرَّ لي الحَسَدَا
يأبَى الإلهُ الذي أعلى بقدرتِه ... كعبي عليكم وأعطى فوقكم عَضُدا
وضَربيَ التركَ عنكم يوم فَرْقِكُمُ ... بالسِّيفِ في الشِّعب حتى جاوز السَّنَدَا
قال: وكان الجُنيد يوم الشِّعب أخذ في الشِّعب، وهو لا يرى أنّ أحدًا يأتيه من الجبال، وبعث ابنَ الشِّخِّير في مقدمته، واتخذ ساقةً؛ ولم يتخذ مجنَّبتين.
وأقبل خافان فهزم المقدّمة، وقتل مَنْ قتل منهم، وجاءه خاقان من قبَل ميسرته وجبغويه من قِبَل الميمنة، فأصيب رجال من الأزْد وتميم، وأصابوا له سرادقات وأبنية، فأمر الجنيد حين أمسى رجلًا من أهل بيته، فقال له: امش في الصفوف والدرّاجة، وتسمّع ما يقول الناس؛ وكيف حالهم؛ ففعل ثم رجع إليه، فقال رأيتُهم طيبةً أنفسهم، يتناشدون الأشعار، ويقرؤون القرآن؛ فسرّه ذلك، وحمد الله.
قال: ويقال نهضت العبيد يوم الشِّعب من جانب العسكر وقد أقبلت الترك