وَبَايَعُوا رَبَّ موسى بيعةً صَدَقت ... ما في قُلوبِهمُ شكٌّ وَلَا دغَلُ
قال: فأقام الجُنيد بسَمَرْقَنْد ذلك العام، وانصرف خاقان إلى بُخارى وعليها قَطَن بن قتيبة، فخاف الناس الترك على قَطَن، فشاورهم الجنيد، فقال قوم: الزم سَمَرْفند، واكتب إلى أمير المؤمنين يمدّك بالجنود. وقال قوم: تسير فتأتي رَبِنْجَن، ثم تسير منها إلى كِسّ، ثم تسير منها إلى نَسَف، فتصل منها إلى أرض زَمّ؛ وتقطع النهر وتنزل آمُل، فتأخذ عليه بالطريق.
فبعث إلى عبد الله بن أبي عبد الله، فقال: قد اختلَف الناس عليّ - وأخبره بما قالوا - فما الرأي؟ فاشترط عليه ألا يخالفه فيما يشير به عليه من ارتحال أو نزول أو قتال، قال: نعم؛ قال: فإني أطلب إليك خِصالًا، قال: وما هي؟ قال: تخندق حيثما نزلْت؛ ولا يفوتنّك حمل الماء ولو كنت على شاطئ نهر، وأن تطيعني في نزولك وارتحالك. فأعطاه ما أراد. قال: أما ما أشار به عليك في مُقامك بسَمَرْقند حتى يأتيك الغياث، فالغياث يبطئ عنك، وإن سرتَ فأخذت بالناس غيرَ الطريق فتتَّ في أعضادهم؛ فانكسروا عن عدوّهم، فاجترأ عليك خاقان؛ وهو اليوم قد استفتح بخارى فلم يفتحوا له، فإن أخذت بهم غير الطريق تفرّق الناس عنك مبادرين إلى منازلهم، ويبلغ أهل بخارى فيستسلموا لعدوّهم؛ وإن أخذت الطريق الأعظم هابك العدوّ؛ والرأي لك أن تعمد إلى عيالات مَنْ شهد الشِّعب من أصحاب سَوْرة فتقسّمهم على عشائرهم وتحملهم معك؛ فإني أرجو بذلك أن ينصرك الله على عدوّك، وتعطى كلَّ رجل تخلف بسمرقند ألف درهم وفرسًا.