مع شكرك ما ظهر له من كفرك النعمة عندك، فأصبحتَ تنتظر غير النعمة وزوال الكرامة، وحلول الخزي، فتأهب لنوازل عقوبة الله بك، فإن الله عليك أوجد، ولما عملت أكره، فقد أصبحت وذنوبك أعظم من أن يبكّتك بها أمير المؤمنين ذنبًا ذنبًا، ومن يرفع عليك عنده يُبكّتك منها بما نسيته وأحصاه اللهُ عليك، ولقد كان لأمير المؤمنين زاجر عنك بما عرفك من التسرع إلى حماقاتك في غير واحدة، منها القرشي الذي تناولته بالحجاز ظالمًا، فضربك الله بالسوط الذي ضربته به، مفتضحًا على رؤوس رعيتك، ولعلّ أمير المؤمنين أن يعود عليك بمثلها، فإن فعل فأنت أهلها، وإن صفح فأهلُه هو، والله لو لم يستدلّ أمير المؤمنين على ضعف نحائزك، وسوء تدبيرك إلا فسالة دخلائك وبطانتك وعمّالك، والغالبة عليك جاريتك الرائقة، بائعة العهود، ومُشغلة الرجال، مع ما أتلفتَ من مال الله بالمبارك اثني عشر ألف ألف درهم، والله أن لو كنت من ولد عبد الملك لما احتمل لك أمير المؤمنين ما أفسدت من أموال الله، وضيّعت من أمور المسلمين، وسلّطتَ من ولاة السوء على جميع كوَر الإسلام، تُحمَل إليك هدايا النيروز والمهرجان، خالسًا لأكثرها، رافعًا لأقلّها مع كثرة مساويك المتروك تقريرك بها، ومناصبتك أمير المؤمنين في موالاة حسّان ووكيله في ضياعه، وأحوازه في العراق، وسيكون لك ولأمير المؤمنين نبأ إن لم يعفُ عنك، ولكنه يظن الله طالبك بأمور، غير تارك لتكشيفك عنها، وحملك الأموال ناقصة عن وظائفها التي جباها عمر بن هبيرة، وترك رفع محاسبتك سنة كذا وكذا لما وليتَ من خراج العراق، وتوجيهك أخاك أسدًا إلى خراسان، مظهرًا بها العصبية، متحاملًا على هذا الحيّ من مضرَ، قد أتت أمير المؤمنين عيونه بتصغيره لهم، واحتقاره إياهم، ناسيًا لحديث زَرْنَب وقِصص الهجريّين كيف كانت في يزيد بن أسد، فإذا خلوتَ أو توسَّطتَ مَلأ فاعرف نفسَك، واحذر رواجع البغي عليك، وعاجلات العقوبة، فإنّ ما بعد كتاب أمير المؤمنين هذا أفسدُ لك، وأشدُّ عليك، فإن أمير المؤمنين قد تأنّى فيئك، وأمّلَ رجعتك، واستنظرَ توبتك، وقِبَل أمير المؤمنين خلف كثير في أحسابهم وبيوتاتهم وأديانهم، وفيهم عِوَضٌ منك، واللهُ من ورائك إن شاء الله، وكتب [عبد الله بن] سالم، مولى أمير المؤمنين سنة تسع عشرة ومئة.