للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عبد الملك إلى عامله أن يسأله عن حديث قال رجاء فكنت قد نسيته لولا أنه كان عندي مكتوبًا [بغية الطلب ٨/ ٣٦٢٣].
وأخرج الفسوي من طريق محمد بن أبي عمر عن سفيان قال: قال هشام بن عبد الملك لأبي حازم يا أبا حازم ما النجاة من هذا الأمر؟ قال: يسير. قال وما ذاك؟ قال لا تأخذن شيئًا إلا من حلّه ولا تضعنّ شيئًا إلّا في حقه قال ومن يطيق ذلك يا أبا حازم؟ قال من طلب الجنة وهرب من النار [المعرفة والتأريخ ١/ ٦٧٩].
٥ - هشام كان يجد من يعينه على الحق ويزيد الذي سبقه لم يجد.
لعلّ القارئ الكريم يتسائل وما علاقة هذه المسألة بمناقب خليفة الوقت هشام - فأقول وبالله التوفيق:
إن الباحث المنصف حين يتدبّر روايات التأريخ الصحيحة يجد أن كوكبة من العلماء برزوا في عهد عمر بن عبد العزيز أعانوه على عمله الإصلاحي والتغييري نحو إرجاع الخلافة إلى ما كان عليه أيام الراشدين ومعاوية وكذلك هشام وإن لم يصل إلى مستوى ابن عبد العزيز ولكنه بلغ قمة سامقة أعانه في ذلك البلوغ كوكبة من العلماء كالزهري وغيره ليس فقط في ميدان تذكير الحاكم بالحق والخير وإعانته على البرّ وإنما في مجال ترشيد الناس وتربيتهم وتوجيههم فكانوا بذلك مدارس عظيمة لتنشئة الجيل على الهدى والحق- فقال البسوي سعيد (بن عبد العزيز) قال كان سليمان بن موسى يقول إذا جاءنا العلم من الحجاز عن الزهري قبلناه وإذا جاءنا من الجزيرة عن ميمون بن مهران قبلناه وإذا جاءنا من العراق عن الحسن قبلناه وإذا جاءنا من الشام عن مكحول قبلناه] قال سعيد: فكان هؤلاء الأربعة علماء الناس في خلافة هشام] [المعرفة والتأريخ ٢/ ٤١٠] وهذا يذكرنا بما تعلّمناه من أساتذتنا من أن التأريخ الإسلامي تأريخ أمة وليس تأريخ أسر حاكمة ونضيف إلى كلامهم الكريم فنقول: إن الأمة بكل صنوفها حكامًا ومحكومين شاركوا في تسطير صفحات ذلك التأريخ بما فيه من قمم، وبما فيه غير ذلك، ولقد كان هشام حريصًا على تولية العلماء مناصب في إدارته؛ فقد أخرج الأصبهاني في حلية الأولياء عن التابعي الجليل إبراهيم بن أبي عبلة قال: أرسل إليّ هشام بن عبد الملك فقال: لي يا إبراهيم إنا قد عرفناك صغيرًا واختجرناك كبيرًا فرضينا سيرتك وحالك وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وخاصتي واشركك في عملي وقد وليتك خراج مصر فقلت (أي إبراهيم) أما الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين فالله يجزيك ويثيبك وكفى به جازيًا ومثيبًا وأما الذي أنا عليه فمالي بالخراج بصر ومالي عليه قوة، قال: فغضب حتى اختلج وجهه وكان في عينه (حول) فنظر إلي نظر منكظًا ثم قال: لتلين طائعًا أو لتلين كارهًا؟ قال فأمسكت عن الكلام حتى رأيت غضبه انكسر وسورته قد طفئت فقلت يا أمير المؤمنين أتكلم؟ قال: نعم قلت: إن الله سبحانه قال في كتابه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا}. =

<<  <  ج: ص:  >  >>