وقصورها ونحن ألف وخمسمئة، فانطلقت أنا وعمّي إلى صديق لنا من بني حَنيفة يقال له مسكين، فبِتْنا نحن عنده لم نطعم شيئًا، فأصبحنا، فجاءنا بثَرِيدة فأكلْنا منها ونحن جياع لم نأكل يومنا وليلتنا، واجتمع الناس فصاروا ثلاثة آلاف، وأقمنا بسَرَخْس يومين؛ فلمَّا لم يأتنا أحد صار نصر إلى طُوس، فأخبرهم خبر أبي مسلم، وأقام خمسة عشر يومًا، ثم سار وسرنا إلى نيسابور فأقام بها، ونزل أبو مسلم حين هرب نصر دار الإمارة، وأقبل ابنُ الكرْمانيّ، فدخل مَرْو مع أبي مسلم، فقال أبو مسلم حين هرب نصر: يزعم نصرٌ أني ساحر؛ هو والله ساحر (١).
وقال غير من ذكرت قوله في أمر نصر وابن الكرمانيّ وشيبان الحروريّ: انتهى أبو مسلم في سنة ثلاثين ومئة من معسكره بقرية سليمان بن كثير إلى قرية تدعى الماخُوان فنزلها، وأجمع على الاستظهار بعليّ بن جُديع ومَن معه من اليمن، وعلى دعاء نَصْر بن سيار ومَن معه إلى معاونته، فأرسل إلى الفريقين جميعًا، وعرض على كلّ فريق منهم المسالمة واجتماع الكلمة والدخول في الطاعة، فقبِل ذلك عليّ بن جُديع، وتابعه على رأيه، فعاقده عليه، فلما وثق أبو مسلم بمبايعة عليّ بن جُديع إياه، كتب إلى نصر بن سيّار أن يبعث إليه وفدًا يحضرون مقالته ومقالة أصحابه فيما كان وعده أن يميل معه، وأرسل إلى عليّ بمثل ما أرسل به إلى نَصْر.
ثم وصف من خبر اختيار قوّاد الشيعة اليمانيَة على المضريّة نحوًا مما وصف مَن قد ذكرنا الرواية عنه قبلُ في كتابنا هذا، وذكر أنّ أبا مسلم إذْ وجَّه شبل بن طهمان فيمن وجّهه إلى مدينة مَرْو وأنزله قصر بخاراخذاه؛ إنما وجهه مددًا لعليّ بن الكرمانيّ.
قال: وسار أبو مسلم من خَنْدقه بالماخُوان بجميع مَن معه إلى عليّ بن جُديع، ومع عليّ عثمان وأخوه وأشراف اليمن معهم وحلفاؤهم من ربيعة، فلما حاذى أبو مسلم مدينة مَرْو استقبله عثمان بن جُديع في خيل عظيمة، ومعه أشراف اليمن ومن معه من رَبيعة، حتى دخل عسكر عليّ بن الكرمانيّ وشيبان بن