للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ثم أخرج خليفة قال: فحدثني إسماعيل بن إبراهيم قال أخبرني جويرية بن أسماء قال خرج عبد العزيز بن عبد الله يريد قديدًا فسقط لواؤه فتطئر الناس [تأريخ خليفة / ٤١٥]. وجويرية ثقة من السابعة أخرج له الشيخان توفي سنة ١٧٠ هـ وقد عاصر تلك الأحداث. وأخرج خليفة قال: قال إسماعيل وحدثني غسان بن عبد الحميد (ذكره ابن حبان في الثقات ولا نعلم فيه جرحًا) قال خرج أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان مقنعًا يوم قديد لا يلتفت إلى أحدٍ ولا يكلم أحدًا مقبلًا على بثِّه حتى قتل (٤١٥) قال أبو الحسن (أي المدائني) ما سمع الناس بواكي أوجع للقلوب من بواكي قديد ما بقي بالمدينة أهل بيت إلا وفيهم بكيّ قالت نائحة تبكيهم:
ما للزمان وماليه ... أفنى قديد رجاليه
فلأبكين سريرة ... ولأبكين علانيه
[خليفة / ٤١٥].
وسنعود للحديث عن مصير أبي حمزة الخارجي وحيشه بعد قليل. وأما عدد القتلى من أهل المدينة يوم قديد فقد قدّره الواقدي بسبعمئة وانفرد بذلك ولا يعتمد عليه في مثل هذه الأمور إذا انفرد وقدّره خليفة بثلاثمئة وقول المدائني الذي لم يحضر الوقعة (بل ولد في تلك السنة أو بعدها): ما بقي بالمدينة أهل بيت إلا وفيهم بكيّ: فمبالغة واضحة والله أعلم بالصواب وأما عن خطبة أبي حمزة الخارجي التي ذكرناها في قسم الصحيح فلها ما يؤيدها عند خليفة عن إسماعيل بن إسحاق: أن بلج قدم في الموسم فلم يشعر الناس وهم بعرفات حتى أطلعت عليهم الخيل من الجبل من طريق الطائف فاجتمع الناس إلى عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان وهو والي مكة والمدينة فكره عبد الواحد قتالهم فمشى عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب بينهم حتى أخذ عليهم ولهم ألا يحدثوا حدثًا حتى ينقضي أمر الموسم ففعلوا فوقف عبد الواحد بالناس ووقف بلج في أصحابه بعرفات وبجمع وأقاموا أيام منى فلما كان يوم النفر نفر عبد الواحد فأتى مكة ثم أتى أبو حمزة مكة فخطبهم على المنبر فقال يا أهل مكة تعيّروني بأصحابي تزعمون أنهم شباب وهل كان أصحاب رسول الله إلا شبابًا أما إني عالم بتتابعكم فيما يضركم في معادكم ولولا اشتغالي بغيركم ما تركت الأخذ فوق أيديكم، نعم شباب مكتهلون في شبابهم ثقال عميَّة عن الشر أعينهم بطيّة عن الباطلِ أرجلهم قد نظر إليهم في جوف الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن إذا مرّ أحدهم باية فيها ذكر الجنة بكى شوقًا إليها وإذا مرّ بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه قد وصلوا كلالهم بكلالهم كلال ليلهم بكلال نهارهم قد أكلت الأرض جباههم وأيديهم وركبهم، مصفرة ألوانهم ناحلة أجسامهم من طول القيام وكثرة الصيام مستقلين لذلك في جنب الله موفون بعهد الله منجزون لوعد الله إذا رأوا سهام العدو فوقت ورماحهم قد أشرعت وسيوفهم قد انتضيت وأبرقت الكتيبة وأرعدت بصواعق =

<<  <  ج: ص:  >  >>