قال: خرجتُ مع ابن عطية السعديّ؛ ونحن اثنا عشر رجلًا، بعهد مَرْوان على الحجّ، ومعه أربعون ألف دينار في خُرْجه، حتى نزل الجُرْف يريد الحجّ، وقد خلَف عسكره وخيله وراءه بصنعاء؛ فوالله إنا آمنون مطمئنون؛ إذ سمعتُ كلمة من امرأة: قاتلَ الله ابنيْ جمانة ما أشأمهما! فقمت كأني أهريق الماء، وأشرفت على نَشز من الأرض؛ فإذا الدُّهْم من الرجال والسلاح والخيل والقذّافات؛ فإذا ابنا جُمانة المراديّان واقفان علينا، قد أحدقوا بنا من كلّ ناحية، فقلنا: ما تريدون؟ قالوا: أنتم لصوص؛ فأخرج ابن عطية كتابه، وقال: هذا كتاب أمير المؤمنين وعهده على الحجّ وأنا ابن عطية، فقالوا: هذا باطل، ولكنكم لصوص؛ فرأينا الشرّ. فركب الصفر بن حبيب فرسه، فقاتل وأحسن حتى قتل؛ ثم ركب ابن عطية فقاتل حتى قُتِل، ثم قتل مَنْ معنا وبقيت، فقالوا: من أنت؟ فقلت: رجل من هَمْدَان، قالوا: من أيّ همدان أنت؟ فاعتزيت إلى بطن منهم - وكنت عالمًا ببطون هَمْدان - فتركوني، وقالوا: أنت آمن؛ وكلّ ما [كان] لك في هذا الرحل فخذْه، فلو ادّعيتُ المال كله لأعطوْني. ثم بعثوا معي فرسانًا حتى بلغوا بي صَعْدة، وأمنتُ ومضيتُ حتى قدمتُ مكة (١).
(١) هذه عدة روايات أخرجها الطبري وبالأسانيد المعروفة التي تحدثنا عنها في المقدمة وفي غير موضع - وبعضها من طريق الواقدي المتروك وليس من عادتنا أن نذكر مرويات الواقدي (إذا انفرد) في الصحيح ولكن ذكرناها هنا لأن ما ذكره قد جاء من طريق آخر عند الطبري مسندًا وغير مسند وكذلك أخرج خليفة طرفًا من هذه التفاصيل مسندًا وغير مسند كما سنذكر فقد أخرج خليفة قائلًا: حدثنا إسماعيل العسكر وقتل منهم مقتلة عظيمة وبلغ عبد الله بن يحيى الأعور فسار في نحو ثلاثين ألفًا فنزل ابن عطية تبالة ونزل الأعور صعدة ثم اقتتلوا فانهزم الأعور فسار إلى جرش وسار ابن عطية والتقوا فاقتتلوا حتى حال بينهم الليل وأصبح ابن عطية مكانه فنزل الأعور في نحو من ألف رجل من أهل حضرموت فقاتل حتى قتل ومن معه وبعث برأس الأعور إلى مروان وسار ابن عطية حتى أتى صنعاء فثار به رجل من حمير ... الخبر وفي آخره ثم أتاه كتاب لمروان يأمره بالصلاة بالموسم فدعا أهل حضرموت إلى الصلح فصالحوه فانطلق ابن عطية في خمسة عشر رجلًا من وجوه أصحابه مبادرًا وخلف ابن أخيه عبد الرحمن بن يزيد وأقبل ابن عطية متعجلًا فنزل واديًا من أودية مراد بقرية يقال لها شيام فشدوا عليه فقتلوه وأصحابه واحتزوا رأسه [خليفة / ٤١٧] قلت: وإلى هنا يتفق خليفة والطبري وكما ترى على الأمور الكبيرة في هذه الواقعة من خروج أبي حمزة ومقتله إلى مقتل حليفه الأعور (عبد الله بن يحيى) والله تعالى أعلم. =