للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= هذا القصر شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث والفقه والتفسير فصنف ابن جريج التصانيف - بمكة وصنف سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة وصنف الأوزاعي بالشام، وصنف مالك الموطأ بالمدينة، وصنف ابن إسحاق المغازي، وصنف معمر باليمن، وصنف أبو حنيفة وغيره الفقه والرأي بالكوفة وصنف سفيان الثوري كتاب الجامع ثم بعد يسير صنف هشيم كتبه وصنف الليث بمصر وابن لهيعة وابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب وكثر تدوين العلم وتبويبه ودوّنت كتب العربية واللغة والتأريخ وأيام الناس وقبل هذا العصر كان سائر الأئمة يتكلمون عن حفظهم أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة فَسَهُلَ ولله الحمد تناول العلم وأخذ الحفظ يتناقص فلله الأمر كله. [تأريخ الإسلام / المجلد السابق / ص ١٣].
وأخيرًا المنصور ما له وما عليه:
سبق وأن ذكرنا مرارًا أن تأريخ القرون الفاضلة هو تأريخ تطبيق عقيدة التوحيد وشريعة الإسلام والممتد إلى سنة (٢٢٠ هـ تقريبًا) كما حدّده بعض علماء الإسلام إذ به ينتهي عمر الجيل الفاضل الثالث (أتباع التابعين) انظر فتح الباري شرح ح / ٣٦٥١ فضائل الصحابة (وهذا التأريخ العظيم وبالرغم مما تخلله من مصائب ومحن وفتن ودماء أريقت لتثبيت الحكم فإنه في الجملة تأريخ مليء بأمثلة العدل والصدق واستقلالية القضاء وإجلال العلماء ونشر العدل بين الناس والفتوحات وسدّ الثغور وإصلاح الرعية وقد شوّه المبتدعة وأهل الأهواء ذلك التأريخ وشوّهوا سيرة كثير من الخلفاء حتى أصبح البعض يتصور أن الإسلام لم يطبّق إلا في عقود قليلة جدًّا من تلك القرون وذلك لا يصح.
وقد تحدثنا عن مواضع تشويه وتزوير سيرة الخلفاء الماضين ونقول هنا ونحن بصدد سيرة المنصور أبي جعفر إن الرجل مظلوم تأريخيًا ولا بد من بيان الحقيقة.
وإذا كان شيء يعاب على المنصور فهو شدّته مع الخارجين على الخلافة تلك الشدة كانت السبب في إراقة دماء بعضها بحق لأن أهل البدع اقتحموا دار الخلافة وكادوا أن يسقطوها وبعضها الآخر بغير حق وأعني ما دار بينه وبين أبناء عمومته (محمد وإبراهيم) ابني عبد الله بن الحسن رضي الله عنه أبناء العمومة أجمعين (بني العباسي وبني علي) وإن كان المنصور قد أعياه الطلب في أثرهما وسلك طرقًا عدة لاسترضائهما قبل =

<<  <  ج: ص:  >  >>