للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بالبرامكة حَوّل وجهه إلى الكعبة وقال اللهم إنه كان قد كفاني مؤونة الدنيا فاكفه مؤونة الآخرة [تأريخ بغداد / ٧/ ١٦٠].
ومع الأسف الشديد لم يذكر الطبري رواية مسندة موصولة ولو من مظانّ الحسن في ذكر الأسباب المباشرة وغير المباشرة المؤدية إلى نكبة البرامكة ورئيسهم جعفر بن يحيى إلّا أن الروايات التي هي أقرب إلى الصحة عند غيره مع الروايات الضعيفة مع ما ذكره المؤرخون الأقدمون من تقييمهم للنكبة وأسبابها تؤيد ما ذكره العلامة ابن خلدون في تفسيره لهذه النكبة وسنذكر طرفًا من عبارات ابن خلدون دون غيرها فهذه هي عبارات مجملة عامة دون ذكرٍ لتفاصيل غير مؤكدة:
يقول العلامة ابن خلدون في مقدمته:
(وإنما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدّولة واحتجافهم أموال الجباية).
ويقول أيضًا: فعظمت آثارهم وبعد صيتهم (وعمروا مراتب الدّولة وخططها بالرّؤساء من ولدهم وصنائعهم واحتازوها (عمّن سواهم) ثم يرجع ابن خلدون بعض الشيء إلى الوراء فيقول موضحًا سبب هذه الحظوة والكرامة لمكان أبيهم يحيى من كفالة هارون ولي عهد وخليفة، حتى شبّ في حجره ودرج من عشّه وغلب على أمره، وكان يدعوه: يا أبت. فتوجّه الإيثار من السلطان إليهم وعظمت الدّالة منهم، وانبسط الجاه عندهم وانصرفت نحوهم الوجوه، وخضعت لهم الرّقاب، وقصرت عليهم الآمال، وتخطّت إليهم من أقصى التّخوم هدايا الملوك وتحف الأمراء.
فالنتيجة كما يراها ابن خلدون قد بدأت بعد كل هذا بسعي الوشاة والحاسدين فيقول: فكشفت لهم وجوه المنافسة والحسد، ودبّت إلى مهادهم الوثير من الدّولة عقارب السعاية [المقدمة لابن خلدون / ٤٤ - ٤٥ - ٤٦].
وأما من الأساتذة المعاصرين فقد كتب الدكتور يوسف العش -رحمه الله- فصلًا بحث فيه جوانب نكبة البرامكة وقال في مقدمته وقد اختلف المؤرخون اختلافًا كبيرًا حول أسباب نكبة البرامكة - وسنذكر ما قالوه في ذلك لكنا نرى بادئ ذي بدءٍ أن تفسير النكبة مرتبط بسياسة البرامكة نفسها، وإذا بحثنا هذه السياسة وجلونا نواحيها تمكنا أن نفهم كيف آل الأمر بالرشيد إلى أن ينكب البرامكة وإلى أن يفعل فيهم ما فعل [ثم =

<<  <  ج: ص:  >  >>