قال الخطيب: في ترجمة عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير: كان من أهل مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتصل بالمهدي أمير المؤمنين لما قدم المدينة وصحبه وصار أحد خواصه .. وقدم بغداد مرات وولاه الرشيد إمارة المدينة واليمن وكان محمودًا في ولايته جميل السيرة مع جلالة قدره وعظم شرفه [تأريخ بغداد / ١٠/ ١٧٣]. خامسًا: أفراد الأمة وإن كانوا مغمورين غير معروفين يؤدون ما عليهم من واجب النصيحة لأئمتهم (الخلفاء) والخلفاء يقبلون النصيحة والتذكير ولو كان على رؤوس الملأ بل في أوجب تجمعاتهم وأكبرها أسبوعيًا فالخليفة العباسي المنصور رحمه الله تعالى يخطب بالناس يوم الجمعة فيقوم أحد المصلين فيذكره بتقوى الله فيقبله الخليفة برحابة صدر فقد أخرج الطبري (كما سبق) (٨/ ٩٠) والخطيب البغدادي [تأريخ بغداد ١٠/ ٥٥، وابن عساكر (تأريخ دمشق / ٣٢/ ٣١١): أن المنصور خطب فقال الحمد لله أحمده وأستعينه .... إلخ فاعترضه معترض عن يمينه (وفي رواية ابن عساكر قام رجل من أقصى المسجد) يا أيها الإنسان (وفي رواية الخطيب يا أمير المؤمنين) أذكرك من ذكّرت به فقطع الخطبة ثم قال سمعًا سمعًا لمن حفظ عن الله وذكّر به وأعوذ بالله أن أكون جبارًا عنيدًا وأن تأخذني العزة بالإثم لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين ... إلخ ثم عاد إلى خطبته فكأنه يقرؤها من كفه فقال وأشهد أن محمدَّا عَبده ورسوله] ا. هـ وانظر تعليقنا (٨/ ٩٠). وأخرج الخطيب البغدادي (تأريخ بغداد ٩/ ٣٠٦) ومن طريقه ابن عساكر عن أبي همام حدثني إبراهيم بن أعين قال: قال صالح المري دخلت على المهدي ها هنا بالرصافة فلما مثلت بين يديه قلت يا أمير المؤمنين أحمد الله ما أكلمك به اليوم، فإن أولى الناس بالله عزَّ وجلَّ أحملهم لغلظة النصيحة فيه، وجدير بمن له قرابة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرث أخلاقه، ويأتم بهديه، وقد ورثك الله من العلم وإنارة الحجة ميراثًا قطع به عذرك فمهما ادّعيت من حجة أو ركبت من شبهة لم يصح لك برهان من الله عزَّ وجلَّ حلّ بك من سخط الله عزَّ وجلَّ بقدر ما تجاهلته من العلم، وأقدمت عليه من شبهة الباطل، واعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصم من ولي أمته يبتزها أحكامها ومن كان =