وإبراهيم بن أعين الأغلب أنه البصري العجلي الذي يروي عن الثوري وعنه أبو سعيد الأشج وكان من خيار الناس [ميزان الاعتدال (١/ ٢١)] وليس الشيباني الضعيف وأما صالح المرّي فهو ضعيف في الحديث إلَّا أنه مشهور بالوعظ والتذكير والبكاء من خثية الله فلا عجب أن يعظ الخليفة المهدي بهذه الصيغة فقد قال ابن حبان من أهل البصرة أقدمه المهدي إلى بغداد فسمع منه البغداديون وقال ابن الأعرابي كان الغالب على صالح كثرة الذكر والقراءة بالتحزين وقال عفان كان شديد الخوف من الله كأنه ثكلى إذا قصّ [سير أعلام ٨/ ٤٢] [تهذيب / تر ٢٧٩٦]. سادسًا: الحركة العلمية في العصر العباسي الأول واحترام المجتمع حكامًا ومحكومين للعلم وأهله، أما المستوى العلمي والمسيرة العلمية في هذا العصر فقد تحدثنا عنه ضمن أحداث سنة (١٦٩ هـ) عند حديثنا عن سيرة المنصور رحمه الله تعالى فليراجع. ونودّ هنا أن نضرب مثلًا بسيطًا يبيّن لك أخي القارئ الكريم مدى إجلال الناس للعلم والعلماء. فقد أخرج القاضي وكيع قال حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال ثنا محمد بن يزيد قال سمعت حمدان بن الأصبهاني قال كنت عند شريك فأتاه بعض ولد المهدي فاستند إلى الحائط فسأله عن حديث فلم يلتفت إليه وأقبل علينا وأعاد بمثل ذلك فقال تستخف بأولاد الخلافة؟ قال: لا، ولكن العلم أزين عند أهله من أن يضيعوه قال: فجثا على ركبتيه ثم سأله فقال شريك: هكذا يصاب العلم [أخبار القضاة ٣/ ١٦١] قلت ولقد كان العلماء في مقامٍ رفيع في المجتمع آنذاك بحيث لم يتمالك المستشرق بروكلمان نفسه [وهو المعروف بتشويهه للحقائق التأريخية] فقال: وقرّب المنصور إلى بلاطه علماء الفقه والحديث [تأريخ الشعوب / ١٨٠]- قلت ولقد بلغ المستوى العلمي للمجتمع الإسلامي مبلغًا عظيمًا نذكر منه هنا طرفًا صغيرًا يتعلق بأسلوب الاجتهاد في القضايا =