للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الليل قبل النهار، لأن النهار هو ما ذكرتُ من ضوء الشمس؛ وإنما خلق الله الشمس وأجراها في الفلك بعد ما دحا الأرض فبسطها، كما قال عزّ وجلّ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}، فإذا كانت الشمس خُلقت بعد ما سُمكت السماء، وأغطش ليلها، فمعلوم أنها كانت - قبل أن تخلق الشمس، وقبل أن يُخرج الله من السماء ضحاها - مظلمة لا مضيئة.

وبعد، فإن في مشاهدتِنا من أمر الليل والنهار ما نشاهده دليلًا بيّنًا على أنّ النهار هو الهاجم على الليل لأنّ الشمس متى غابت فذهب ضوءها ليلًا [أو نهارًا] أظلم الجو، فكان معلومًا بذلك أن النهار هو الهاجم على الليل بضوئه ونوره. والله أعلم (١). (١: ٦٢/ ٦٣).

٨٠ / ب - فأما القول في بدء خلقهما فإن الخبرَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوقت خلق الله الشمس والقمر مختلف.

فأما ابن عباس فرُوي عنه أنه قال: خلق الله يوم الجمعة الشمسَ والقمرَ والنجوم والملائكة إلى ثلاث ساعات بقيت منه، حدثنا بذلك هنّاد بن السريّ، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي سعد البقال، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، عن النبي (٢). (١: ٦٣).

٨١ - وروى أبو هريرة عن النبيّ أنه قال: "خلَق الله النور يوم الأربعاء"، حدثني بذلك القاسم بن بشر والحسين بن عليّ، قالا: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرةَ، عن النبيّ (٣). (١: ٦٣).

٨١ / أ - وأيّ ذلك كان؛ فقدْ خلق الله قبل خلقه إياهما خَلْقًا كثيرًا غيرهما، ثم خلقهما عزّ وجلّ لما هو أعلم به من مصلحة خلْقه، فجعلهما دائبَي الجري، ثم فَصَل بينهما، فجعل إحداهما آية الليل، والأخرى آية النهار، فمحا آية الليل،


(١) ضعيف.
(٢) إسناده ضعيف.
(٣) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>