للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها! فأخذت حوّاء فأكلت منها، ثم ذهبت بها إلى آدم، فقالت: انظر إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها، وأطيب طعمها، وأحسن لونها! فأكل منها آدم، فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربُّه: يا آدم، أين أنت؟ قال: أنا هذا يا ربّ، قال: ألا تخرج؟ قال: أستحي منك يا ربّ، قال: ملعونة الأرض التي خلقت منها لعنة حتى يتحول ثمارها شوكًا! قال: ولم يكن في الجنة ولا في الأرض شجرة كانت أفضل من الطلح والسِّدر. ثم قال: يا حوّاء! أنت التي غرَرْتِ عبدي، فإنك لا تَحملين حَمْلًا إلَّا حملتِه كرهًا، فإذا أردت أن تضعِي ما في بطنك أشرفتِ على الموت مرارًا. وقال للحية: أنت التي دخل الملعون في بطنك حتى غرّ عبدي، ملعونة أنت لعنة حتى تتحول قوائمُك في بطنك، ولا يكنْ لك رزق إلَّا التراب، أنتِ عدوّة بني آدم وهم أعداؤك، حيث لقيت أحدًا منهم أخذتِ بعقبهِ، وحيث لقيَك شدَخ رأسك.

قيل لوهب: وما كانت الملائكة تأكل؟ قال: يفعل الله ما يشاء (١). (١: ١٠٨).

١٣٩ - حدثنا القاسم بن الحسن، قال: حدثنا الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال: نهى الله تعالى آدم وحواء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة، ويأكلا منها رغدًا حيث شاءا، فجاء الشيطان فدخل في جوف الحيّة، فكلّم حواء، ووسوس إلى آدم فقال: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَينِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} قال: فقطعت حوّاء الشجرة فدمِيت الشجرة، وسقط عنهما رياشهما الذي كان عيهما، {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} لمَ أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا ربّ أطعمتْني حواء. قال لحواء: لم أطعمتِه؟ قالت: أمرتْني الحية، قال للحية: لم أمرتِها؟ قالت: أمرَني إبليس، قال: ملعونٌ مدحورٌ! أما أنت يا حواء؛ فكما أدميتِ الشجرة تَدْمَينَ في كلّ هلال، وأما أنتِ يا حية؛ فأقطعُ قوائمك


(١) هذا إسناد مرسل ومثل هذا الكلام يحتمل أن يكون مرفوعًا فلا يحتج به، بل إلى الإسرائيليات أقرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>