أتأمرنا لنترك آل رِفْدٍ ... وزَمْل وآل صُدٍّ والعُبود
ونترك دينَ آباءٍ كرام ... ذوي رأيٍ ونتبَعُ دينَ هُودِ
ورفد وزمل وصدّ قبائل من عاد، والعبود منهم. ثم قال لمعاوية بن بكر وأبيه بكر: احبسا عنّا مَرْثد بن سعد فلا يقدمنّ معنا مكة؛ فإنه قد اتبع دينَ هود، وترك ديننا. ثم خرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد، فلما ولَّوا إلى مكة خرج مَرْثد بن سعد من منزل معاوية، حتى أدركهم بها قبل أن يدعُوا الله بشيء مما خرجوا له. فلما انتهى إليهمْ قام يدعو الله، وبها وفد عاد قد اجتمعوا يدعون. فقال: اللهمَّ أعطِني سُؤلي وحدي، ولا تُدخلْني في شيء مما يدعوك به وفد عاد. وكان قَيل ابن عتر رأس وفد عاد. وقال وفد عاد:"اللهمَّ أعطِ قيلًا ما سألك، واجعلْ سُؤلنا مع سؤله". وقد كان تخلَّف عن وفد عاد لقمان بن عاد، وكان سيدَ عاد، حتى إذا فرغوا من دعوتهم قال: اللهمَّ إني جئتك وحدي في حاجتي فأعطني سؤلي. وقال قيل بن عتر حين دعا: يا إلهنا، إن كان هود صادقًا فاسقِنا فإنا قد هلكنا. فأنشأ الله سحائب ثَلاثًا: بيضاء وحمراء، وسوداء، ثم ناداه مُناد من السحاب: يا قيل، اخترْ لنفسك وقومك من هذا السحاب. فقال: قد اخترتُ السحابة السوداء، فإنها أكثرُ السحاب ماءً، فناداه مناد: اخترت رمادًا رِمْدَدًا، لا تُبقي من عاد أحدًا، لا والدًا تترك ولا ولدًا، إلّا جعلته هَمِدًا، إلّا بني اللُّوذيّة المُهْدَى - وبنو اللُّوذِيّة بنو لُقَيم بن هَزّال بن هُزَيل بن هزيلة بنت بكر؛ كانوا سُكانًا بمكة مع أخوالهم، لم يكونوا مع عاد بأرضهم، فهم عاد الآخرة، ومَن كان من نسلهم الذين بقوا من عاد.
وساق الله السحابة السوداء فيما يذكرون التي اختار قَيْل بن عتر بما فيها من النقمة إلى عاد، حتى خرجت عليهم من واد لهم يقال له: المغيثُ. ولما رأوْها استبشروا بها، وقالوا:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، يقول الله عزَّ وجلَّ: {بَلْ هُوَ مَا